للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن استفتاح الصلاة بالنية كان معلومًا عندهم؛ وهي قصد الطاعة بالصلاة؛ كما أن الإخلاص في الطاعة لله، لا بد منه في الاستفتاح، وغيره؛ وهو تصفية العمل من الشوائب، بألَّا يقصد العمل للنفس، ولا للهوى، ولا للدنيا، بل للتقرب إلى الله تعالى؛ فكذلك النية، وكلاهما كان عندهم معلومًا؛ فلهذا استغنت بذكر التكبير عنهما.

ونقل خلاف ذلك عن بعض المتقدمين، وتأوله بعضهم على مالك، والمعروف: خلافهُ، عنه، وعن غيره.

ثم التحريم بالتكبير خصوصًا؛ كما ذكرنا.

وأبو حنيفة يكتفي بمجرد التعظيم؛ كقوله: الله أجلُّ، أو أعظمُ.

وتعيين لفظِه؛ قال به مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء؛ مستدلين على وجوبه، تعينه: بهذا النقل، على الطريقة السابقة، من كونها بيانًا للمجمل؛ وفيه ما ذكرنا، لكن انضم إليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي" (١)؛ فصار البيان بفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقوله؛ فهذا مجرد أنَّ الفعل يشعر بأنه خطاب للأمة بأن تكون صلاتهم كصلاته؛ في كل فعل، وقول، وحركة، وسكون.

ولا شك أنه بعض من حديث مالك بن الحارث، قال: أتينا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن شَبَبَةٌ متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلةَ، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رفيقًا؛ فظن أنا قد اشتقنا أهلَنا، فسأَلنا عمَّن تركْنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال: "ارْجِعُوا إِلى أَهليكُم؛ فأَقيموا عندَهم، وعلِّموهم، ومُروهم، فإذا حضرتِ الصلاةُ؛ فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، ثم ليؤمَّكُمْ أكبرُكم" (٢)، زاد البخاري: "وصلُّوا كما رَأَيتموني أُصَلِّي" (٣).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه البخاري (٦٠٥)، كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة، ومسلم (٦٧٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة؟
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>