واعلم: أنه يبدأ في قوله: سمع الله لمن حمده؛ حين يشرع في رفعه من الركوع، ويمده حتى ينتصب قائمًا، ثمَّ يشرع في ذلك الاعتدال؛ وهو ربنا ولك الحمد، إلى آخره؛ وهذا مذهب الشافعي.
وطائفة قالوا: استحب ذلك لكل مصل؛ من إمام، ومأموم، ومنفرد؛ فيجمعون بينهما على الوجه المذكور؛ من أن سمع الله لمن حمده ذكرٌ لحالة الرفع من الركوع، وربنا لك الحمد ذكر لحالة الاستواء منه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلهما جميعهما، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(١).
وقوله:"وكانَ لا يفعلُ ذلكَ في السجود"، معناه: لا يرفع يديه في ابتداء السجود، والرفع منه، ولعل مراده في الابتداء، وكأنه أقرب؛ وبه قال أكثر الفقهاء: إنه لا يسن رفع اليدين عند السجود.
وخالف فيه بعضهم، فقال: يرفع؛ لحديثٍ ورد فيه؛ وكأنه اعتمد أنه زيادة، فثبت العمل بها، وتقديم القول بها على من نفاها، أو سكت عنها.
لكن من ترك الرفع، رجَّحَ روايةَ ابن عمر في ترك الرفع من السجود، لكن الترجيح إنما يكون عند التعارض، ولا تعارض بين رواية من أثبت الزيادة، أو نفاها، أو سكت عنها؛ إلا أن يكون ذلك جميعه منحصرًا متحدًا في وقت واحد؛ فيجب العمل بالزيادة؛ وهذا كله إذا ثبتت صحة الزيادة.
أما إذا كانت ضعيفة؛ فلا تعارض بينهما، ويجب تقديم الثابتة، وحديث ابن عمر في نفي الرفع عند السجود ثابت، وحديث إثباته ضعيف، والله أعلم.
وفي الحديث مسائل:
منها: التكبير في الهُوِيِّ إلى الركوع؛ وهو سنة عند العلماء كافة، إلا أحمدَ بن حنبل، في إحدى الروايتين عنه؛ فإنه أوجبه؛ وكذلك حكم جميع