أمرًا يرجع إلى اللفظ، أو إلى أمر لوجود النظر إليه، وذلك يمهد عذر أحد الرجحانين، ويثبت الحكم، ولا ينفي وجود المعارض.
أما لو استدل بلفظ يحتمل أمرين على السواء، لكانت الدلالة منتفية، وقد يطلق الدليل على الدليل التام الذي يجب العمل به، وذلك يقتضي عدم وجود المعارض الراجح، لكن الأولى أن يستعمل في دلالة ألفاظ الكتاب، والسنة الطريق الأول، ومن لمدعى المعارض، فعليه البيان.
وفي الحديث مسائل:
منها: وجوب التكبير بعينه؛ لنصه عليه بقوله:"فكبروا"، وأبو حنيفة يخالف فيه، ويقول: المراد منه التعظيم، وبأي لفظ أتى به حصل، وغيرُه قصر التعظيم بلفظ التكبير، ولم يعده إلى غيره؛ نظرًا إلى التعبد به، والاحتياطُ فيه الاتباع؛ لخصوص التعظيم به، وهو: الله أكبر.
وأعلم أن رتب الأذكار مختلفة، فلا يتأدى بذكر ما يتأدى بآخر، ولا يعارض أن يكون ذلك المعنى مفهومًا، فقد يكون التعبدُ واقعًا في التفصيل كما نفهم من الركوع التعظيم بالخضوع، ولو أقام مقامه خضوعا آخر لم يكتف به، فكذلك لفظ التكبير، ويتأيد باستمرار عمل الأمة على الدخول في الصَّلاة به، وهو: الله أكبر، وبما اشتهر في الأصول بأن كل علة مستنبطة تعود على النص بالإبطال أو التخصيص، فهي باطلة، وعلي هذا يخرج حكم هذه المسألة؛ فإنّه إذا لمستنبط من النص أن مطلق التعظيم هو المقصود، بطل خصوص التكبير، فيخرج عن الفائدة.
ومنها: وجوبُ القراءة في الصَّلاة في الركعات كلِّها، وهو مذهب الشافعي، وجمهورِ العلماء، لكن ظاهر هذا الحديث أن الفاتحة غيرُ متعينة، والفقهاء الأربعة عينوها للوجوب، إلَّا أن أبا حنيفة منهم جعلها واجبة، وليست بفرض، على أصله في الفرق بين الواجب والفرض.
وحكى القاضي عياض عن عليّ بن أبي طالب، وربيعة، ومحمد بن