للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي صفرة، وأصحابِ مالك: أنه لا تجب قراءة أصلًا، وهي رواية شاذة عن مالك، وفي مذهب مالك في قراءة الفاتحة في كل ركعة ثلاثة أقوال:

أحدها: كمذهب الجمهور، وتجب في كل ركعة.

والثاني: في الأُوليين.

والثالث: تجب في ركعة واحدة.

وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة: لا تجب القراءة في الركعتين الأخيرتين، بل هو بالخيار، إن شاء قرأ، وإن شاء سَبَّح، وإن شاء سكت، والصحيح الذي عليه جمهور العلماء من السلف والخلف: وجوبُ الفاتحة في كل ركعة؛ لقوله - صَلَّى الله عليه وسلم - للأعرابي: "ثم افعلْ ذلكَ في صلاتِك كلِّها"، مع قوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "لا تجزئ صلاةٌ لا يُقْرَأُ فيها بفاتحةِ الكتابِ" رواه أبو بكر بن خزيمة، وأبو حاتم بن حبان في "صحيحيهما" من رواية أبي هريرة (١)، وهو مبين أن المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ إلَّا بفاتحةِ الكتابِ" (٢) عدمُ الإجزاء، لا نفيُ الكمال.

والجواب عن هذا الحديث: أن المراد منه: "اقرأ ما تيسر": ما زاد على الفاتحة بعدها؛ جمعًا بينهم وبين دلائل إيجابها، ويؤيده الأحاديث الحسنة التي رواها أبو داود في "سننه" مرفوعة: "ثم اقرأْ بفاتحةِ الكتاب، وما تيسر من القرآن" (٣)، وفي رواية: "وما شاءَ الله" (٤)، وروى أبو حاتم بنُ حبان في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسَّر، في الصَّلاة (٥) وقد قال بوجوب الزائد على الفاتحة


(١) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٤٩٠)، وابن حبان في "صحيحه" (١٧٨٩).
(٢) رواه البُخاريّ (٧٢٣)، كتاب: صفة الصَّلاة، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، ومسلم (٣٩٤)، كتاب: الصَّلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.
(٣) انظر تخريجه في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الآتي.
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٦/ ٢٣٦)، لكن من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٥) رواه ابن حبان في "صحيحه" (١٧٩٠)، وأبو داود (٨١٨)، كتاب: الصَّلاة، باب: من ترك =

<<  <  ج: ص:  >  >>