المطلق على المقيد حينئذٍ، ويوضح ذلك بمثال، وهو أنه لو قال لعبده: اشتر أيَّ لحم، ولا تشتر لحم الضأن، لم يتعارض، ولو قال: اشتر لي لحم شاة، ولا تشتر لحم الضأن، في وقت واحدٍ، لتعارض.
وأما التخصيص، فأبعد؛ لأنَّ سياق الكلام يقتضي تفسير الأمر عليه، وإنَّما يقرب هذا إذا جعلت (ما) بمعنى الذي، وأريد بها شيء معين، وهو الفاتحة؛ لكثرة حفظ المصلين لها، فهي المتيسرة.
ومنها: أن الركوع واجب، وكذلك الطمأنينة فيه، وقد تخيل من لا يعتقد وجوبها؛ بأن الغاية هل تدخل في المغيّا أم لا؟
فيه مذاهب: فمن فرق بين أن يكون من جنس المغيّا، وصف الركوع بوصف، ووصف الطمأنينة معه بوصف، حتَّى لو فرضنا أنه لو ركع ولم يطمئن، ارتفع مسمى الركوع، ولم يصدق عليه أنه جعل مطلق الركوع مغيًّا للطمأنينة، وادعى بعض المتأخرين أن الطمأنينة لا تجب من حيث إن الأعرابي صَلَّى غير مطئمن ثلاث مرات، والعبادة بدونها فاسدة، ولو كانت فاسدةَ، لكان فعل الأعرابي فاسدًا، ولو كان كذلك، لم يغيره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حال فعله، وإذا تقرر بهده الدعوى عدم الوجوب، حمل الأمر في الطمأنينة على الندب، وفي قوله:"فإنك لم تصل" على عدم الكمال، وهذا التخيل والدعوى فاسدان مخالفان لمدلول اللفظ، ومفهوم الشريعة.
ومنها: وجوب الرفع من الركوع والاعتدال فيه، خلافًا لمن نفى وجوب الرفع من الركوع والاعتدال فيه، ومذهب الشافعي وجوبهما، وفي مذهب مالك خلاف في الاعتدال، استدل من قال بعدم الوجوب أن المقصود من الرفع الفصل، وهو يحصل بدون الاعتدال، وهو ضعيف؛ فإن الفصل مقصود، وليس هو كل المقصود، بل هو بصفة الاعتدال مقصودان، والأمر دل عليهما، فلا يجوز تركهما، قريبٌ من هذا الاستدلال في الضعف من قال في عدم وجوب الطمأنينة، بأن الله تعالى قال:{ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: ٧٧] فلم يأمر