للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية أربع سنين، على الصواب، وقيل: خمس سنين، ولما دخل عمر الشام، وشهد فتح بيت المقدس حين دخوله الشام سنة ست عشرة -وكان فتحها صلحًا- رأى معاويةَ في موكب عظيم، فلما دنا منه قال: أنت صاحبُ الموكب العظيم؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ما يبلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك!، قال: ما يبلغك من ذلك، قال: ولم تفعل هذا؟ قال: نحن بأرض جواسيس العدو، وبها كثير، فيجب أن نظهر فيها من السلطان ما يرهبهم، فإن أمرتني، فعلت، وإن نهيتني انتهيت، فقال عمر: يا معاوية! ما نسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقًّا، إنه لرأي أريب، وإن كان باطلًا، إنها لخدعة أديب، قال: فمرني يا أمير المؤمنين، قال: لا آمرك ولا أنهاك، فقال عمرو ابن العاص: يا أمير المؤمنين! ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردتَهُ فيه! قال: لحسن مصادره وموارده جَشَّمناه ما جشمناه (١)، وذم معاويةَ عند عمر - رضي الله عنه - قومٌ، فقال: دعونا من ذم فتى قريش، من يضحك في الغضب لا ينال ما عنده إلا على الرضا، ولا يوجد ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه (٢).

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ما رأيت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود من معاوية، فقيل له: ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ فقال: كانوا -والله- خيرًا من معاوية، وأفضل، وكان معاوية أسود منهم (٣).

وقيل لنافع: ما لابن عمر بايع معاوية ولم يبايع عليًّا؟ فقال: كان ابن عمر لا يضع يدًا في فرقة، ولا يمنعها من جماعة، ولم يبايع معاويةَ حتى اجتمع عليه.


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٩/ ١١٢).
(٢) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٩/ ١١٢).
(٣) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٥١٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٣٤٣٢)، وفي "المعجم الأوسط" (٦٧٥٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٩/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>