قال أبو عمر بن عبد البر: كان معاوية - رضي الله عنه - أميرًا بالشام نحو عشرين سنة، وخليفةً مثل ذلك؛ كان من خلافة عمر نحوًا من أربعة أعوام، وخلافة عثمان كلها اثنتي عشرة سنة، وبايع له أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع وثلاثين، واجتمع الناس عليه حين بايع له الحسن بن علي وجماعة ممن معه، وذلك في ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين، فسمي عام الجماعة.
وقال أبو بشر الدولابي: وبويع له في ذي الحجة سنة أربعين ببيت المقدس، وكانت خلافته تسع عشرة سنة، وتسعة أشهر، وثمانية وعشرين يومًا.
روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مئة حديث، وثلاثة وستون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على أربعة أحاديث، وانفرد البخاري بمثلها، ومسلم بخمسة.
وروى عنه من الصحابة: عبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، والسائب بن يزيد، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وجماعة من التابعين، وروى له -أيضًا- أصحاب السنن والمسانيد، ومات في رجب سنة ستين بدمشق ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين، واختلف في يوم وفاته، وفي سنتها، والمشهور ما ذكرنا، وقال القضاعي محمد بن سلامة بن جعفر: وتوفي بدمشق مستهل رجب، وقيل: للنصف سنة ستين بدمشق، ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين، واختلف في يوم وفاته، وفي سنتها، والمشهور ما ذكرناه.
وصلى عليه ابنه يزيد، وقيل: إن ابنه كان غائبًا، فصلى عليه الضحاك ابن قيس، ودُفن بين باب الجابية وباب الصغير، ورأيت بخط بعض علماء وقتنا المتأخر في جواب فتيا له: أن معاوية مات بدمشق، ودفن تحت حائط جامعها في قبلته في الموضع الذي يسمى بقبر هود - صلى الله عليه وسلم -، وأُخفي قبره كما أخفي قبرُ عليٍّ بالعراق خشيةً عليه، وما أعلم من أين أخذ هذا، ثم وجدت معنى ما أفتى به في جزء مخرج عن أبي الفتح محمد بن هارون بن نصر بن السدي، وأنه دفن أولًا