والثَّاني: طهارته، وإليه ذهب بعض أهل الطاهر، وقالوا: غسله تعبد. وتقدم فساده.
والثالث: طهارة المأذون في اتِّخاذه دون غيره.
وهذه الأقوال الثَّلاثة عن مالك.
وحكى الخطابي عنه قولًا رابعًا: أنَّه إذا لم يجدْ ماءً غيره، توضأ به، وبه قال الثوري، لكن قال: ثُمَّ يتيمَّم بعده.
وقال عبد الملك بن الماجشون المالكي: كلبُ البدوي غيرُ نجس، وكلب الحضري نجس.
والأظهر العموم؛ لأنَّ الألف واللام إذا لم يقمْ دليل على صرفها إلى المعهود المعين، فهي للعموم، ومَنْ يرى الخصوصَ يَصْرِفهُ عنه بقرينة أنهم نُهوا عن اتخاذ الكلاب إلا لوجوه مخصوصة، والأمر بالغسل مع المخالطة عقوبة يناسبها الاختصاص بمن ارتكب النَّهي في اتخاذ ما منع من اتخاذه، فإيجاب الغسل مع المخالطة عسر وحرج، ولا يناسبه الإذن والإباحة في الاتخاذ، وهذا يتوقف على وجود القرينة عند الأمر بالغسل.
وفيه دليل على عموم الإناء، والأمر بغسله للنَّجاسة، وذلك بتنجيس ما فيه، فيقتضي المنع من استعماله.
وفي مذهب مالك قول أَن ذلك يختصُّ بالماء دون الطعام، وقد ورد الأمر بالإراقة مطلقا في الرِّوايات الصَّحيحة، وظاهره للوجوب.
وفي مذهب مالك قول للنَّدب، وكأنَّه لما اعتقد طهارة الكلب بالدَّليل الَّذي دلَّه عليه، جعله صارفًا له من الوجوب إلى النَّدب، والأمر قد يصرف عن ظاهره بدليل.
واتفق أصحابُ الشَّافعي على الأمر بالإراقة، لكن اختلفوا، هل هي واجبة لعينها فتجب على الفور، أم لا تجب الإراقةُ إلا إذا أراد استعمال الإناء؟.