للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكى الأول الماوردي في "الحاوي" (١)، ويحتجُّ له بمطلق الأول، وهو يقتضي الوجوب على المختار، وهو قول أكثر الفقهاء.

وبالثاني قال أكثر أصحاب الشَّافعي، لكنهم قالوا: الإراقة مستحبة، لكن إذا أراد استعمال الإناء، أراقه، واحتجُّوا بالقياس على سائر النَّجاسات؛ فإنه لا تجب إراقتها، بلا خلاف، ويمكن أَنْ يُجَابَ عن ذلك بأَنَ المرادَ في الولوغ الرجرُ والتغليظُ والمبالغةُ في التَّنفير عن الكلاب.

وفي الحديث دليل نصًّا (٢) على اعتبار السَّبع في عدد الغسلات، وهو مذهب الشَّافعي، ومالك، وأحمد، والجماهير (٣)، وفيه ردٌّ على أبي حنيفة - رحمه الله - في قوله: تغسل ثلاثًا، وكأنَّه لم يبلغْه هذا الحديث.

ونقل بعض العلماء عن أبي حنيفة وأصحابه: أنه يغسل حتى يغلب على الظن طهارتُه، والعدد لا يعتبر.

وفيه دليل على وجوب التَّعفير بالتراب، وبه قال الشَّافعي وأصحاب الحديث.

وليست في رواية مالك هذه الزيادةُ من ذكر التراب، فلم يقل بها، لكنَّ الزيادة من الثِّقة مقبولة، وهي رواية الشَّافعي والجمهور من المحدّثين، وقالوا بها، ومعلوم أن التراب إنَّما ضُمَّ إلى الماء استظهارًا في التطهير، وتوكيدًا له؛ لغلظ نجاسة الكلب؛ فقد عُقل أن الأُشنان وما أشبهه من الأشياء التي فيها قوَّة الجِلاء والتطهير بمنزلة التراب في الجواز، وذكر أصحاب الشَّافعي - رحمهم الله - في الجصِّ والصَّابون والأُشنان بدلَ التراب ثلاثةَ أقوال:

أظهرها: لا يقوم مقامه؛ لظاهر الخبر، ولأنها طهارة متعلقة بالتراب، فلا يقوم غيره مقامه؛ كالتيمم.


(١) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٢) "نصًّا" ساقطة من "ش".
(٣) "الجماهير" ساقطة من "ش".

<<  <  ج: ص:  >  >>