للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن سقي بماء السماء ونحوه، ففيه العشر، وإلا فنصفه، ويليه الذهب والفضة والتجارة فيها ربع العشر؛ لأنه يحتاج إلى العمل فيه جميع السنة، ويليه الماشية؛ فإنه يدخلها الأوقاص، بخلاف الأنواع السابقة، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب" هو كالتوطئة والتمهيد بالوصية؛ لاستجماع همته على الدعاء لهم إلى ما ذكر في الحديث؛ لأن أهل الكتاب أهل علم، ومخاطبتهم لا تكون كمخاطبة جهال المشركين وعبدة الأوثان في العناية بها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" البدأة في الدعاء إلى الشهادتين والمطالبة بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء من فروعه إلا بهما، فمن كان منهم غير موحد على التحقيق؛ كالنصارى، فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين عينًا، ومن كان موحدًا كاليهود، فالمطالبة له بالجمع بين ما أقر به من التوحيد، وبين الإقرار بالرسالة، وإن كان اليهود الذين كانوا باليمن عندهم ما يقتضي الإشراك، ولو باللزوم، تكون مطالبتهم بالتوحيد؛ لنفي ما يلزم من عقائدهم.

وقد ذكر الفقهاء أن كل من كان كافرًا بشيء ومؤمنًا بغيره دخل في الإسلام بالإيمان بما كفر به، وهذا ليس على إطلاقه، بل قال أصحاب الشافعي العراقيون: لا يدخل في الإسلام إلا بالتلفظ بالشهادتين، وقال الخراسانيون منهم القاضي حسين: كل من أقر بما هو معروف من دين الإسلام أنه حق، صار به مسلمًا، وإن لم يتلفظ بالشهادتين، ولا شك أن العالم بالشيء قد يكون عارفًا به، وقد يكون غير عارف، فاليهود والنصارى، وإن كانوا عالمين بالله، لكنهم غير عارفين به، ولهذا ثبت في رواية في "صحيح مسلم" في هذا الحديث: "فليكنْ أولَ ما تدعوهم إليه عبادةُ الله تعالى، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم" (١) إلى


(١) رواه مسلم (١٩)، (١/ ٥١)، كتاب: الإيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، والبخاري أيضًا (١٣٨٩)، كتب: الزكاة، باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>