لتحريم الظلم، وتنبيهًا على سرعة عقوبة فاعله، لكن دعوة المظلوم مسموعة لا ترد، وهذا معنى عدم حجاب بينها وبين الله تعالى.
وفي هذا الحديث دليل على أحكام:
منها: أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع؛ حيث دعوا أولًا إلى الإيمان فقط، ودعوا إلى الفروع بعد إجابتهم إلى الإيمان، وضُعِّف هذا بأن الترتيب في الدعاء لا يلزم منه ولا بد الترتيب في الوجوب؛ بدليل أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب، وقد قدمت في الذكر، وأخرت الزكاة، مع تساويهما في الخطاب؛ للوجوب في الدنيا، ولا تتعلق المطالبة به في الدنيا إلا بعد الإسلام، وليس المراد ألا يزاد عذابهم بسببها في الآخرة، كيف وهو - صلى الله عليه وسلم - رتب ذلك في الدعاء إلى الإسلام، وبدأ بالأهم فالأهم؟.
وقد اختلف العلماء في أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور بها والمنهي عنها على ثلاثة أقوال:
الصحيح المختار: أنهم مخاطبون بها جميعها.
والثاني: أنهم غير مخاطبين بها جميعها.
والثالث: أنهم مخاطبون بالمنهي دون المأمور.
ومنها: قبول خبر الواحد، ووجوب العمل به.
ومنها: أن الوتر ليس بواجب، وكذلك ركعتا الفجر ليستا واجبتين، فإن بعث معاذ إلى اليمن كان قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقليل بعد الأمر بالوتر وركعتي الفجر، وقد قال بوجوب الوتر أبو حنيفة، وبوجوب ركعتي الفجر الحسن البصري.
ومنها: أن السنة أن الكفار يُدْعون إلى التوحيد قبل القتال، ولم يذكر في هذا الحديث كل دعائم الإسلام، بل ذكر بعضها، قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: هو تقصير من الراوي.
ومنها: أن الكافر لا يحكم بإسلامه إلا بالنطق بالشهادتين، وهو مذهب أهل السنة.