للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان (١)، وهما قراءَتَانِ في السَّبع، قرأ نافع وابن عامر بالأولى، وقرأ الباقون بالثَّانية.

والمرادُ به: موصلُ الذِّرَاع في العظمين.

لكن اختلفَ قولُ الشَّافعي - رحمه الله -: هل هو اسم لإبرة الذِّرَاع، أم لمجموع رأس عظم العضد مع الإبرة؟ على قولين.

وبنى على ذلك أَنَّه لو شُلَّ الذِّراعُ من العضد، هل يجب غسلُ رأسِ العضدِ، أم يستحبُّ؟ فيه خلافٌ، المشهورُ وجوبُهُ، ومذهبُ مالك والشَّافعي وجمهورِ العلماء وجوبُ إدخالِ المرفقينِ في الغَسْلِ، وقال زُفَرُ وأبو بكرِ بنُ داود: لا يجبُ إدخالهُما.

ومنشأُ الاختلافِ: أنَّ "إلى" لانتهاءِ الغايةِ، وقد تردُ بمعنى "مع"، والأول هو المشهور، فَمَن قالَ به، لم يُوجِبْ إدخالَهما في الغسل، ومَنْ قالَ بالثاني، أوجبه.

وفرَّقَ بعضُهم بين أَنْ تكونَ الغايةُ من جنسٍ ما قبلها، أو لا، فإن كانت من الجنس، دخلتْ؛ كما في الوضوء، وإِنْ كانتْ من غيره، لم تدخلْ؛ كما في قوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].

ومنهم مَنْ قالَ: إِنْ كانَت الغَايةُ لإِخراج ما دخلَ قبلَها، لم يخرجْ؛ فإن اسمَ اليدِ: ينطلقُ عليها إلى المنكب، حتَّى قالَ أَصحابُ الشّافعيِّ: لو طالَت أظافيرُه ولم يقلِّمْها، وجبَ غسلُها بلا خلافٍ؛ لاتصالها باليد، ودخولها فيها، وكذلك لو نبَتَ في محلِّ الفرضِ يدٌ أخرى، أو سَلْعةٌ، وَجَبَ غسلها، بلا خلاف أيضًا.

فلو لم تردْ هذه الغايةُ، لوجبَ غسلُ اليد إلى المنكب، فلمَّا دخلَت، أُخرِجَ عن الغسلِ ما زادَ على المرفقين، فانتهى الإخراج إلى المرفقين، فدخلا في الغسل.


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٢٤٦)، و"مختار الصحاح" (ص: ١٠٥)، و"لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١١٨)، (مادة: رفق).

<<  <  ج: ص:  >  >>