للمطلق على المقيد، وأبو حنيفة يحمل المقيد على المطلق، فمن يشترط الإيمان فيها، يقيد الإطلاق هاهنا بالتعيين به في كفارة القتل.
وهذا الحكم مبني على أن السبب إذا اختلف واتحد الحكم، هل يتقيد المطلق أم لا؟ وإذا قيد، فهل هو بالقياس أم لا؟ والمسألة مشهورة في أصول الفقه، لكن الأقرب أنه قيد بالقياس، والله أعلم.
ثم شرط الرقبة أن تكون سليمة من العيوب التي تضر بالعمل إضرارًا بينًا.
ومنها: أنه ينتقل من الصوم إلى الإطعام عند عدم استطاعته، وفي بعض طرق الحديث: أن الرجل قال: وهل أُتيت إلا من الصوم؛ فاقتضى ذلك عدم استطاعته بسبب شدة الشَّبق وعدم الصبر في الصوم عن الوقاع، لكنها رواية ضعيفة، ونشأ منه انظر للشافعية في أن هذا هل يكون عذرًا مرخصًا في الانتقال إلى الإطعام في حق من هو شديد الشبق؟ فقال به بعضهم.
ومنها: أنه إذا قدر على الإطعام دون غيره، وجب إطعامه العددَ المذكور في الحديث، وهو ستون مسكينًا، فلو ضاق عليه الإطعام الَّذي هو مصدر أطعم إلى ستين، لا يكون ذلك موجودًا في حق من أطعم عشرين مسكينًا ثلاثة أيام، ولو قيل بإجزاء ذلك، كان عملًا بعلة مستنبطة تعود على ظاهر النص بالإبطال، وهو غير جائز في أصول الفقه.
وقد أجمع العلماء في الأعصار المتأخرة على اشتراط إطعام ستين مسكينًا، وحكي عن الحسن البصري: أنه إطعام أربعين مسكينًا عشرين صاعًا، ثم جمهور المشترطين ستين قالوا: لكل مسكين مد، وهو ربع صاع، وقال أبو حنيفة والثوري: لكل مسكين نصف صاع.
ومنها: أنه إذا عجز عن الإطعام، ودُفع إليه ما يكفر به طعامًا، وكان محتاجًا إليه هو وعياله، فصرفه في ذلك، هل يقع كفارة، وتبرأ به ذمته، ويلزم من ذلك سقوطها عن المعسر، أو بقاؤها في ذمته إلى أن يوسر، وقرن سقوطها عنه بصدقة الفطر؛ حيث يسقط للإعسار المقارن لاستهلال الهلال، وتقدم الكلام عليه قريبًا.