شهد كعبٌ هذا بيعةَ الرِّضوان، وقال ابن الأثير: تأخَّر إسلامه، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة وأربعون حديثًا، اتَّفق البخاريُّ ومسلم على حديثين، وانفرد مسلم بآخرين، وروى عنه بنوه: إسحاق، وعبد الملك، ومحمد، والرَّبيع، ومن الصَّحابة العبادلةُ: ابن عمر، وابن عبَّاس، وابن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-، وخلقٌ من التَّابعين، وروى له أصحاب السُّنن والمساند.
مات بالمدينة سنة إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وخمسين، وله خمس وسبعون سنة (١).
وأمَّا قوله:"فَسَأَلْتُهُ عَنِ الفِدْيَةِ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً" السَّائل هو عبد الله بن معْقِل، والمسؤول: هو كعب بن عُجْرة، وهو الَّذي نزلت فيه خاصَّة -يعني: الفدية- ويريد بقوله: خاصة: اختصاص السبب الذي نزلت به، ويريد بقوله:"لكم عامَّة": عموم اللفظ في الآية بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[البقرة: ١٩٦]، وهذه صيغة عموم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كُنْتُ أُرَى" بضمَّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الوَجَعَ أَوِ الجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى" هو شكٌّ من الرَّاوي، هل قال: الوجع، أو الجهد؟.
والجَهْدُ: بفتح الجيم؛ هو المشقَّة، وبالضَّمِّ: الطَّاقة، ولا معنى لها هنا، إلَّا أن يكون الفتح والضَّمُّ لغتين في المشقة. و "ما أَرى": هو بفتح الهمزة؛ هو من رؤية العين؛ أي: ما أشاهد ببصري.
وقوله:"فأمره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ": الفَرَقُ -بفتح الرَّاء،
(١) وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" (٧/ ٢٢٠)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٧/ ١٦٠)، و "الثقات" لابن حبان (٣/ ٣٥١)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (٣/ ١٣٢١)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٥٠/ ١٣٩)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (٤/ ٤٥٤)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٣/ ٥٢)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٥/ ٥٩٩)، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (٨/ ٣٩٠).