للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تسكن-، وهي ثلاثة آصع، وهو مفسَّر في الرِّوايتين بقوله في الأولى: "لكل مسكين نصف صاع"، وفي الثَّانية هذه بقوله: "بَيْنَ سِتَّة".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتجدُ شاة؟ " قال: لا، وفي الثَّانية: "أو يهدي شاة" هذا هو النُّسك المجمل في الآية الكريمة في قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، وليس المراد بقوله: أتجد شاة؟ قال: لا، فأمره بالصوم أو الإطعام: أنَّ كلَّ واحد منهما لا يجزئ إلَّا عند عدم الهدي، بل هو محمول على أنَّ سؤاله عن وجدانه، فإن أخبره به، أخبره - صلى الله عليه وسلم - بأنَّه مخيَّر بينه وبين الصِّيام والإطعام، وإن عدمه، فهو مخيَّر بين الصِّيام والإطعام.

ولا شكَّ أنَّ لفظ الآية والحديث معًا، يقتضي التَّخيير بين الخصال الثَّلاث المذكورة؛ فالصّيام والصَّدقة والنسك مجملات في الآية الكريمة، مبيَّنة في الحديث، فالصِّيام مبيَّنٌ بثلاثة أيَّامٍ، وأبعد من قال من المتقدِّمين: إنَّ الصَّوم عشرة أيَّام؛ فإنَّه مخالف للآية والحديث.

والصَّدقة: ثلاثة آصُعٍ؛ لكل مسكين نصفُ صاع.

والنُّسك: واحدته نسيكة؛ وهي الذَّبيحة، وأعلاها بدنةٌ، وأوسطها بقرةٌ، وأدناها شاةٌ، أيما شاء ذبح، فهذه الفدية على التَّخيير، والتَّقدير: يتخيَّر بين الثلاثة المذكورات.

وكلُّ هديٍ أو إطعام يلزم المحرم، يكون بمكة، ويتصدَّق به على مساكين الحرم، إلَّا الهديَ الذي يلزم المحصر؛ فإنَّه يذبحه حيث أُحصر.

وأمَّا الصَّوم: فإنَّه يصوم حيث شاء، وقد اتَّفق العلماء على القول بظاهر هذا الحديث، لكن وقع الخلاف على الإطعام، هل يتعيَّن من الحنطة مقدارًا وعينًا؟

فحكي عن أبي حنيفة والثَّوري: أن نصف الصَّاع لكلِّ مسكين، إنَّما هو في الحنطة، فأمَّا التَّمر وغيره، فيجب صاع لكلِّ مسكين. وهذا خلاف نصّه في الحديث، في "صحيح مسلم": "ثلاثة آصُعٍ كان تمر" (١)، وعن أحمد بن حنبل


(١) رواه مسلم (١٢٠١)، (٢/ ٨٦١)، كتاب: الحج، باب: جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>