للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا": اللُّقطة؛ الشيء الملقوط، وهو بفتح القاف على المشهور الَّذي سُمع من العرب، أجمع عليه أهل اللُّغة، ويقال: بإسكانها، نقله الأزهريّ عن الخليل، وقاله الأصمعيُّ، والفرَّاء، وابنُ الأعرابي. ويقال لها: لُقاطة، بضم اللَّام، ولَقَط: بفتحها وفتح القاف بلا هاء، نقلهما شيخنا العلَّامة أبو عبد الله بن مالك الجياني، ونظم اللغات الأربع في بيت (١):

لُقَاطَةٌ، ولُقْطَةٌ، ولُقَطَهْ ... ولَقَطٌ ما لاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ

ومعنى الحديث: لا تحلُّ لقطة حرم مكَّة إلا لمن يريد أن يعرِّفها أبدًا من غير توقيتٍ بسنةٍ، ثمَّ يملكها كغيرها من البلاد.

وقد ثبت في "صحيح مسلم" وغيره: "لَا تَحِلُّ لقطتها إلا لمنشد" (٢)؛ وهو المعرِّف مطلقًا. وأمَّا ناشدها: فهو طالبها. وأصل النَّشيد والإنشاد: رفع الصوت.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا يُخْتَلَى خَلاَه": الخلا: بفتح الخاء المعجمة مقصور، وهو الرَّطب من الكلأ. قال أهل اللُّغة: الخلا والعشب: اسم للرَّطب منه، والحشيش والهشيم: اسم لليابس منه. والكلأ، مهموز مقصور، يقع على الرَّطب واليابس، قال ابن مكِّي، وغيره من أهل اللُّغة: مما يلحن العوام فيه، إطلاقهم الحشيش على الرَّطب، وهو مختص باليابس.

ومعنى اختلائه: قطعه. فالخلا يحرم قطعه وقلعه، والحشيش يحرم قلعه ولا يحرم قطعه، والله أعلم (٣).

وقوله: "فقال العباسُ: يا رسول الله! إلَّا الإِذْخِرَ" العبَّاسُ: هو عمُّ


(١) انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ٢٣٥)، و"المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح الحنبلي (ص: ٢٨٢).
(٢) رواه مسلم (١٣٥٥)، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة، عن أبي هريرة بلفظ: "ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد".
وقد رواه البخاري (٢٣٠١)، كتاب: اللقطة، باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة؟ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: "ولا تحل لقطتها إلا لمنشد".
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٢٥)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" له أيضًا (ص: ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>