رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تقدَّم ذكره. والإِذْخِرُ -بكسر الهمزة والخاء المعجمة-: نبتٌ معروفٌ، طيب الرَّائحة.
قوله:"فإنَّه لِقَيْنهِمْ وبُيوتهم": القينُ: الحداد، كما ذكره المصنّف، وإنَّما ذكر القين؛ لأنَّه يحتاج إليه في عمل النَّار، وفي معناه الصائغ، وقد ورد ذكره في بعض الأحاديث، والبيوت: لما يحتاج إليه من التسقيف فوق الخشب.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا الإِذْخِرَ" إجابته - صلى الله عليه وسلم - للعبَّاس على الفور، يحتمل أنَّه أجابه باجتهادٍ منه - صلى الله عليه وسلم -، أو بتفويض الحكم إليه من الله -عزَّ وجلَّ-، وهو قول بعض أهل الأصول.
ومَنْ منعَ ذلك منهم قال: يجوز أن تكون إجابته بوحي من الله تعالى في الحال، أنَّه يستثنى تحريمه من الخلا في زمن يسيرٍ؛ فإنَّ الوحي إلقاء في الرُّوع بواسطة ملك، أو إلهام، وقد تظهر أماراته، وقد لا تظهر، فالذي بواسطة الملك، خاصٌّ بالأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم-.
والذي بالإلهام يقع للأولياء -رحمة الله عليهم- في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ من أمَّتي ملهمين، وإنَّكَ منهم يا عُمر"(١).
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: رفع وجوب الهجرة عن الصَّحابة وغيرهم -رضي الله عنهم- من مكَّة إلى المدينة بعد فتح مكَّة.
ومنها: أنَّ حكم الهجرة من بلاد الكفر إلى دار الإسلام، بالوجوب أو النَّدب، باقٍ إلى يوم القيامة.
ومنها: أنَّ الجهاد بقصد الإخلاص لله -عزَّ وجلَّ- والطَّاعة له مطلوبان إلى يوم القيامة.
(١) رواه البخاري (٣٢٨٢)، كتاب: الأنبياء، باب: حديث الغار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. ورواه مسلم (٢٣٩٨)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر - رضي الله عنه - عن عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: "قد كان يكون في الأمم قبلكم محدِّثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم" قال ابن وهب: تفسير محدثون: ملهمون.