للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبرخيتي، وعن الشّيخ أبي العبّاس أحمد البشبيشي (٥٣٦) وكان الشّيخ الخرشي يدعو له، ولازمه لزوما طويلا.

ثمّ إستأذن مشايخه في النّقلة إلى بلاده بالمغرب، فأذنوا له، ويوم خروجه خرج معه الجمّ الغفير جبرا لخاطره وتعظيما لقدره. وكان انتقاله من مصر سنة خمس وسبعين / وألف (٥٣٧) ثمّ (٥٣٨) ركب البحر فهاج البحر، وغرقت السّفينة وطلع من كان بها سوى الشّيخ، فلم يطلع فغاص الغوّاصون فوجدوه في قعر البحر فأخرجوه مغمى عليه، فلمّا أفاق سأل عن كتبه وكانت كثيرة، فسلّي بسلامة نفسه، فرجع إلى مصر وجمع غيرها في مدّة إقامته بها وهو يعلّم النّاس وظهرت بركات الفتح على يديه ومال إليه أهل الخير والصّلاح.

ثمّ رجع لبلده جمّنة ثمّ انتقل لجزيرة جربة فقصد جامع الغرباء بها يعلّم به النّاس. قيل (٥٣٩) إن إمام الجامع أخذه ما يأخذ الفقهاء من الغيرة فمنعه من الإقراء به فعزم على الإنتقال، فرآى في النّوم قائلا يقول له: «يا إبراهيم أعرض عن هذا» (٥٤٠) وقيل رآى قارئا يقرأ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} (٥٤١) ورآى الشّيخ خليلا فقال له:

أنت ولدي ومنّي فاجتهد، فأقام ما شاء الله ساكنا هو ومن يقرأ عليه في أخواص من جريد (٥٤٢).

فقدم وكيل المرحوم السّلطان مراد بن حمّودة باشا - رحمه الله تعالى - وكان من أهل قابس، فسأل عن الشّيخ وكان يعرفه فدلّ عليه، فوجده على تلك الحالة، فلمّا رجع لتونس أمره السّلطان بالحجّ نيابة عنه لشغله بأحوال رعيّته، وهو كاف في مذهب أبي حنيفة الذي هو مذهب مراد باي، فقال له: يا سيّدي إن أردت أجرا خيرا من


(٥٣٦) في ش: «البشيشي»، وفي ط وب وت: «الشبيبي» والتّصويب من الحلل.
(٥٣٧) ١٦٦٤ م.
(٥٣٨) بعده في الحلل السّندسيّة ٣/ ٢٩٩: «ووصل بلده جمّنة فأقام بها ثمّ ركب البحر ومعه أبو الحسن علي الأوراسي. فهاج البحر. . .» وهذا محلّ نظر لأنّ نفزاوة ليست على شاطئ البحر، فالمعقول أن يكون هياج البحر وغرق السّفينة بمصر، ولو وصل لبلده جمّنة لم يسأل عن كتبه، وإنّما تصرّف المؤلّف في النّقل عن الحلل السّندسيّة وأصاب.
(٥٣٩) يتصرّف في النّقل من الحلل السّندسيّة بالحذف والزّيادة.
(٥٤٠) إقتباس من سورة هود: ٧٦.
(٥٤١) سورة الرعد: ١٧.
(٥٤٢) زيادة عمّا في الحلل السّندسيّة.