للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجّ فابن مدرسة للشّيخ الجمّني، وحكى له أمره، ونشر له ذكره فأمره بالتّوجّه لبناء المدرسة المرادية بجزيرة جربة ونصب له محرابها الشّيخ الميقاتي سيدي أبي راوي من ذرّية سيدي عبد السلام / الأسمر وقبره بجربة مزار مشهور، فبنى لها دورا وبيت صلاة، وكمل بناؤها سنة خمس وثمانين وألف (٥٤٣)، وجعل له النّظر في الحبس وفوّض أمره إليه، فمكث الشّيخ يعلّم بها، وقدم عليه النّاس من كلّ فجّ عميق فبذل جهده في نشر مذهب إمام دار الهجرة (٥٤٤) فكان يختم المختصر في كلّ سنة مرّتين في تسعة أشهر بكدّ وجدّ، ويقرأ الحديث النّبوي في بقيّة السّنة.

وكان ملازما للصّيام والقيام من قبل (٥٤٥) الفجر لإيقاظ أصحاب الخلوات من تلاميذه للقراءة والمطالعة والصّلاة.

وكان قوته ممّا يأتيه من تمر بلاده ممّا ورثه من آبائه محترزا عن الأكل من حبس الزّاوية حتّى إنّه كان له وكيل (٥٤٦) على التّصرف فإذا أتى بشيء من غلاّت الحبس وأحضره للشّيخ رفع الشّيخ جلدا كان يجلس عليه ويلتفت لجهة أخرى ويأمره بوضع ما عنده وبعد ذلك يردّ طرف الجلد، وإذا أراد الوكيل أخذ شيء يصرفه رفع طرف الجلد والتفت كما فعل في القبض حتّى يأخذ الوكيل ما يحتاجه فيضعه فلا يرى الدّراهم في دخولها ولا في خروجها تحرّزا عن الحبس وبعدا عن الفتنة.

وكان متجنّبا للمناصب بأسرها حتّى الإمامة ولم يسمع منه أنّه حلف بالله قطّ.

وكان أوّلا مؤثرا للعزبة ثمّ تزوّج إمرأة نصفا، فقال لتلاميذه: من استطاع منكم التزوّج فليتزوّج، فكانت زوجته عونا له على طاعة الله، وكان لها ولد أحسن عشرة الشّيخ وأحبّه محبّة الولد لأبيه (٥٤٧). وعطف عليه الشّيخ فنالته بركته.

وكان الشّيخ في غاية من التّعفّف (٥٤٨) أهدى إليه رجل شيئا من الحليب طلبا للبركة / فقال: ومن أين جاءك هذا؟ قال: عندي شويهات فقال: ومن أين أكلها؟


(٥٤٣) ١٦٧٤ - ١٦٧٥ وما يتعلّق ببناء الزّاوية إضافة عمّا في الحلل. فالوزير السرّاج إختصر على خبر بنائها دون تفاصيل.
(٥٤٤) «إمام دار الهجرة النبويّة»: الحلل ٢/ ٣٠٠.
(٥٤٥) «وقبل الفجر يسير ينبّه أرباب البيوت في المدرسة ليكونوا على أهبة للصّلاة جماعة، فعل ذلك بيده كلّ يوم الدّهر كلّه»: الحلل السّندسيّة ٣/ ٣٠٠.
(٥٤٦) الكلام عن الوكيل لم يرد في الحلل السّندسّة.
(٥٤٧) ما يتعلّق بالزّوجة لم يرد في الحلل.
(٥٤٨) الكلام عن إهداء رجل الحليب له والمحاورة التي دارت بينهما غير مذكور في الحلل.