للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان نزوله بالجانب الغربي، وكان مشحونا بالمقاتلة من الخيّالة والرّجالة، وحزر (١٥٤) أهل الخبرة من كان به من المقاتلة فكانوا يزيدون على ستين ألفا غير النّساء والصّبيان، ثم انتقل لمصلحة رآها إلى الجانب الشّمالي يوم الجمعة العشرين من رجب، ونصب عليه المجانيق، وضايق البلد بالزّحف والقتال حتى أخذ في نقب السور ممّا يلي وادي جهنم، ولمّا رأى أعداء الله ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع له عنهم، وظهرت لهم امارات فتح المدينة وظهور المسلمين عليهم، وكانوا قد اشتدّ روعهم على أبطالهم وحماتهم من القتل والأسر وعلى حصونهم من التّخريب والهدم، وتحققوا أنهم صائرون إلى ما صار أولائك إليه، فاستكانوا وأخلدوا (١٥٥) إلى طلب الأمان، واستقرت القاعدة بالمراسلة / من الطائفتين فكان تسليمه (١٥٦) يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب، وكانت ليلة المعراج المنصوص عليها في القرآن الكريم، فانظر إلى هذا الاتّفاق العجيب كيف يسّر الله تعالى عوده إلى المسلمين في مثل زمان الاسراء بنبيهم صلّى الله عليه وسلم وهذه علامة قبول الله تعالى لهذه الطّاعة، وكان فتحا عظيما شهده من أهل العلم [خلق] (١٥٧)، وأرباب الخرق والزهد عالم كبير، وذلك أن الخلق (١٥٨) لمّا بلغهم ما يسّر الله على يد هذا الرجل الصالح من فتوح الساحل وقصده القدس، قصده العلماء من مصر والشّام، بحيث لم يتخلّف أحد منهم، وارتفعت الأصوات بالضّجيج والدّعاء والتّهليل والتكبير، وصليت (١٥٩) فيه الجمعة يوم فتحه - وخطب الخطيب [وقيل إن الخطبة أقيمت يوم الجمعة] (١٦٠) في رابع شعبان، ونكّس الصّليب الذي كان على قبّة الصّخرة، وكان شكلا عظيما، ونصر الله الاسلام، وكان استيلاء الافرنج عليه يوم الجمعة الثالث والعشرين من شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة (١٦١) وقيل في ثاني شعبان وقيل يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر


(١٥٤) في الأصول: «حذر».
(١٥٥) في بعض نسخ الوفيات: «أخذوا».
(١٥٦) أي القدس الشريف.
(١٥٧) اضافة من الوفيات.
(١٥٨) في الوفيات: «الناس».
(١٥٩) عن ابن شداد عزّ الدّين أبو عبد الله محمد بن علي (توفي ٦٨٤/ ١٢٨٥ م) الذي ينقل عنه ابن خلكان.
(١٦٠) ابن خلكان عن القاضي الفاضل انظر الوفيات ٧/ ١٧٩.
(١٦١) ١٤ جويلية ١٠٩٩ م، وفي ضبط استيلاء الافرنج عليها في ٢٢ شعبان انظر تاريخ طرابلس ١/ ٣٩٥، وفي التوفيقات الالهامية ٢١ شعبان ١/ ٥٢٤.