للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لا يؤخذ إلاّ بقتال شديد، فرجع إلى دمشق ودخلها سادس [عشر] ربيع الأول من السنة.

وبعد خمسة أيام من قدومه بلغه أن الافرنج قصدوا جبيل (١٦٧) واغتالوها، فخرج مسرعا وقد سير من يستدعي العساكر من جميع البلاد، (فلمّا وصل جبيل وعلم الإفرنج بوصوله كفوا عن ذلك) (١٦٨).

ثم قدم عليه عماد الدّين صاحب سنجار ومظفر الدّين بن زين الدّين وعسكر الموصل [إلى حلب] طالبين الجهاد، فسار نحو حصن الأكراد.

ولمّا كان يوم الجمعة رابع جمادى الأول دخل السلطان بلاد العدو على هيئة صالحة (١٦٩)، ورتّب الأطلاب، وسارت الميمنة أولا ومقدمها عماد الدّين زنكي والقلب في الوسط، والميسرة في الأخير، ومقدّمها مظفر الدّين بن زين الدّين، فوصل إلى أنطرسوس (١٧٠) [ضحى] نهار الأحد سادس جمادى الأولى، فوقف قبالتها (١٧١) ينظر إليها لأن قصده كان أخذ بلد جبلة / فاستهان بأمرها وعزم على قتالها، فسيّر من رد الميمنة، وأمرها بالنزول على جانب البحر، والميسرة على الجانب الآخر، ونزل هو موضعه، والعساكر محدّقة بها من البحر إلى البحر، وهي مدينة راكبة على البحر ولها برجان كالقلعتين، فركبوا وقاربوا البلد وزحفوا واشتدّ القتال، وباغتوها، فما استتم نصف النّهار (١٧٢) حتى صعد المسلمون سورها، وأخذوها بالسّيف، وغنم المسلمون جميع ما فيها ومن بها، وأحرقوا البلد، وأقام عليها إلى رابع عشر جمادى الأولى، وسلّم أخذ البرجين إلى مظفر الدّين، فما زال يحارب حتى أخذهما، وقدم عليه ولده الملك الظّاهر في عسكر عظيم.

ثم سار يريد جبلة فوصلها ثاني عشر جمادي الأولى، فما استتم نزول العسكر عليها حتى أخذ البلد، وكان فيه مسلمون مقيمون وقاض يحكم بينهم، وقوتلت القلعة قتالا شديدا، ثم سلمت بالأمان يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى من السنة، وأقام عليها إلى الثالث والعشرين منه.


(١٦٧) في الأصول: «حنبل» والمثبت من الوفيات.
(١٦٨) في الوفيات: «وسار يطلب جبيل، فلمّا عرف الفرنج بخروجه كفوا عن ذلك».
(١٦٩) في الوفيات: «على تعبئة حسنة».
(١٧٠) في ش: «طرطوش» وفي ط: «طرطوس» والمثبت من الوفيات.
(١٧١) في ش: «قبلها».
(١٧٢) في الوفيات: «نصب الخيام» ٧/ ١٩٠.