للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم سار عنها إلى اللاذقيّة فنزلها يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الأولى، وهو بلد مليح (١٧٣) غير مسور، وله ميناء (١٧٤) مشهور وقلعتان متّصلتان على تلّ مشرف على البلد، فاشتدّ القتال إلى آخر النّهار، فأخذ البلد دون القلعتين، وغنم المسلمون غنيمة عظيمة لأنه كان / بلد التّجار، وجدّوا في أمر القلعتين بالقتال والنقوب حتى بلغ طول النقب ستين ذراعا وعرضه أربعة أذرع، فلمّا رأى أهل القلعتين الغلبة طلبوا الصّلح عشيّة يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر على سلامة أنفسهم وذراريهم وأموالهم ما خلا العين والدّنانير والسّلاح وآلات حرب فأجابهم إلى ذلك، ووقع الصّلح يوم السبت، وأقام عليها إلى يوم الأحد السابع والعشرين من الشهر.

ثم رحل عنها إلى صهيون (١٧٥)، وقاتلهم فأخذ البلد يوم الجمعة ثاني جمادى الآخرة، ثم تقدّموا إلى القلعة، وصدقوا القتال، فلمّا عاينوا الهلاك طلبوا الأمان، فأجابهم إلى ذلك ووقع الصّلح، بحيث يؤخذ من الرّجل عشرة دنانير ومن المرأة خمسة دنانير ومن كلّ صغير ديناران، الذكر والأنثى سواء، وأقام بهذه الجهة حتى أخذ عدة قلاع منها بلاطنس (١٧٦) وغيرها من الحصون المتّصلة بصهيون (١٧٥).

ثم رحل عنها وأتى بكاس (١٧٧)، وهي قلعة حصينة، ولها نهر يخرج من تحتها، وذلك يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة، وقاتلوها قتالا شديدا إلى يوم الجمعة تاسع الشهر، ثم يسّر الله فتحها عنوة، فقتل من قتل وأسّر الباقون، وغنم المسلمون جميع ما كان فيها، ولها قليعة (١٧٨) تسمّى الشغر (١٧٩)، وهي في غاية المنعة يعبر إليها منها بجسر وليس عليها طريق فسلطت عليها المجانيق من جميع الجوانب، ورأوا أنهم لا ناصر لهم فطلبوا


(١٧٣) في الوفيات: «خفيف على القلب».
(١٧٤) في الأصول: «عين» والمثبت من الوفيات ٧/ ١٩٠.
(١٧٥) في ش: «صيدون»، وفي ط: «صيحون» والمثبت من الوفيات، أنظر عنها معجم البلدان ٣/ ٤٣٦ ملخصة: «حصن حصين من أعمال سواحل بحر الشام من أعمال حمص».
(١٧٦) في الأصول: «بلاطس» والمثبت من الوفيات ٧/ ١٩١، ومعجم البلدان ١/ ٤٧٨ قال عنها الحموى: «بضم الطاء والنون والسّين مهملة، حصن منيع ببلاد الشام مقابل اللاذقية من أعمال حلب».
(١٧٧) قلعة من نواحي حلب على شاطئ العاصي انظر معجم البلدان ١/ ٤٧٤.
(١٧٨) في الأصول: «قلعة» والمثبت من الوفيات.
(١٧٩) في الأصول: «الشعراء» والمثبت من الوفيات ٧/ ١٩١ ومعجم البلدان ٣/ ٣٥٢ قال الحموي: «قلعة حصينة مقابلة أخرى يقال لها بكاس على رأس جبلين بينهما واد كالخندق. . . وهما قرب أنطاكية».