للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون لذلك وهو أقرب للجانب الّذي فيه حضرة الوزير سنان باشا فتوجّه إليه بنفسه، ووقع فيه حرب شديد، فأخذ ما حصّنه الكفّار، وقتل من فيه منهم، واستخبر (٤٧) وأعمق الخندق الّذي وصل العسكر / إليه فإذا هو ستّون ذراعا بذراع العمل، وقعره متّصل بالبحر وهو ممتليء من ماء البحر، فتشاور أمراء الإسلام (٤٨) فما وجدوا لذلك حيلة إلاّ ملء الخندق ترابا (٤٩) وبقاء المتاريس عليه، فأمر الوزير (٥٠) بذلك فتسارع العساكر إلى ذلك، وباشر الوزير فمن دونه ذلك بأنفسهم حتى صار التّراب كأمثال الجبال، ورموا بذلك في الخندق إلى أن امتلأ وزاد في الإرتفاع، فبنوا المتاريس فوق ذلك إلى أن إرتفع وعلا فوق الحصار، قيل إنّهم إستعانوا على ردمه بالصّوف (٥١) فكان ما ألقي فيه سبعون ألف شليف وجعلوا مع كل شليف قنطارين من رصاص ليرسب في قعر الخندق، ولولا ذلك لرفع التيّار ما ألقي فيه من الصّوف، واستجلبت الأصواف من قبائل الأعراب المؤمنين (٥٢) لأنه حضر فيه من بقي على الإيمان من عربان طرابلس والجريد والجزائر، وحضره المحاميد وكبيرهم جدّ أحمد بن نوير، والصّوف أكثره كان من نجع دريد (٥٣) وباقيه من غيرهم، وكلّ شليف حمل جمل، وهو معروف العدد، والوزن فيه مختلف، عدده مائة جزّة شاة، والوزن يختلف بحسب الكبر والصغر، وكانت لتلك العساكر نيّة صالحة قيل إنه مرّ بعضهم ممن حضر تلك المواطن برجل من العسكر وهو حامل على ظهره حملا من الحطب لكي يلقيه في الخندق وبه عدة جراحات، / وهو على آخر رمق، قال:

فأردت أن أخفّف عنه ذلك فأبى، ولم يزل سائرا به إلى أن ألقاه في محلّه ومات لوقته (٥٤) بحضور أجله - رحمه الله تعالى -.


(٤٧) في ط وت: «اختبروا».
(٤٨) في الإعلام: «وتشاور الوزير مع الأمراء وأصحاب الرأي في ذلك. . .».
(٤٩) في ش: «تراب»، وفي ت كما في الإعلام: «بالتّراب».
(٥٠) في الإعلام: «سائر العسكر بذلك».
(٥١) هذه التّفاصيل غير موجودة في الإعلام، وأكثرها موجود في المؤنس ص: ١٩٠ - ١٩١ وكلامه يوهم أنه ناقل من الإعلام.
(٥٢) في ط: «من المؤمنين».
(٥٣) أنظر المؤنس ص: ١٩٠.
(٥٤) عن هذه القصّة أنظر المؤنس ص: ١٩١.