للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بناء المتاريس فوق الخندق لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الثّاني من سنة واحد وثمانين وتسعمائة (٥٥)، فصارت (٥٦) مدافع المسلمين تصل إلى قلعة الكفّار، فنال المسلمون من الكفّار كلّ منال ووصل أثناء ذلك بكلاربكي (٥٧) الجزائر المتولّي عليها إذ ذاك رمضان باشا ومعه ثلاثة آلاف مقاتل، فاجتمع بحضرة الوزير الأعظم سنان باشا وطلب منه خدمة يؤدّيها، فأرسله بمن معه من العساكر إلى إعانة من بالبستيون (٥٨)، فتوجّه ونزل في جهة من جهات تلك القلعة، واستمر الوزير في محاصرة حلق الوادي، ثمّ أقدم المسلمون على الدّخول إلى الحصار لما شاهدوا من وهن الكفار، قيل ومن قدر الله أنّ محمود بك (٥٩) سنجق غربي كان بعسكره من ناحية رادس (٦٠)، فعزم أهل الحصار أن يدهموه ليلا، على حين غفلة، فخرجوا عليه حين الفجر فوجدوه مستيقظا على أهبة فأوقع بهم، فانهزموا بين يديه فتبعهم بالقتل (٦١) إلى أن أدخلهم حصنهم، ووافق الحال أنّ الوزير صاح: من يقدّم نفسه إلى البرج ويبيع نفسه في مرضاة (٦٢) الله؟ ووعدهم بعطايا سنية زيادة على أجر الآخرة، وعيّن لهم من ألف دينار فدون، الأول فالأول وعمّم ذلك في جميع الأجناس وجميع الجهات (٦٣)، وإتفق أنّ المنهزمين / من ناحية رادس دخلوا وهم ذاهلون فلم يستطيعوا غلق الباب والمسلمون على أهبة، فحملوا حملة رجل واحد من كلّ الجهات، وأعلنوا بكلمة التّوحيد، وإرتفعت الأصوات، فتزلزلت الأرض لحملتهم ودخلوا القلعة وفتحوها عنوة بالسيف لستّ مضت من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وتسعمائة (٦٤)، فوضعوا السيف فيمن وجدوا فيها من الكفرة الفجرة، وغنموا ما وجدوا بها من آلات الحرب والذّخائر، واستأسروا (٦٥) النّصراني كبير القلعة


(٥٥) ١٣ أوت ١٥٧٣ م، أنظر المؤنس ١٩١ والإعلام ٣٧٩.
(٥٦) عود إلى النّقل من الإعلام.
(٥٧) في ط: «بكلار»، وفي ش: «بكلابكي».
(٥٨) في الأصول: «بستيور».
(٥٩) في المؤنس ص: ١٩٢: «محمد عرب».
(٦٠) واقعة رادس ذكرها صاحب المؤنس ١٩٢، والمؤلّف ناقل عنه بتصرّف قليل.
(٦١) في ش: «بالقتال».
(٦٢) في الأصول: «مرضات».
(٦٣) في الأصول: «الجهاة».
(٦٤) ٤ سبتمبر ١٥٧٣ م.
(٦٥) واستؤسر صاحب القلعة كبير النصارى المخذولين، الإعلام ٣٨٠.