للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضيحة واضطرب في أمره، فقال له: لا بأس عليك وأنا آتيك بهدية من المكّني وتذهب تحت ستر واحذر أن تعود لمثل هذا، ثمّ ذهب عبد المولى للمكّني، ففرح به وسأله عن حاله، فقال: أنا / في حيرة من أجل ولدي، وقد غاب الشّيخ سيدي محمد الكرّاي وقت الحاجة، فقال له: هو نوّبني في هذه الحاجة فلا بأس عليك - إن شاء الله تعالى - فاجعل لهذا الرّسول هديّة وأنا أكتب له ورقة على لسان الشّيخ لمن أرسله، وأردّه عن قصده، فلا يخالف - إن شاء الله تعالى - فسرّ بذلك وزال عنه ما كان يجده، فعيّن للرسول هديّة تليق بالحال وجهّزه فسار، فبعد يومين أتى الشّيخ عبد المولى للمكّني وعرّفه بحقيقة الأمر وما أوصاه به الشّيخ الكراي، فقال له: لو أخبرتني لقتلته لاستحقاقه لذلك، فقال: لم يأذن لي الشّيخ في ذلك وخفت من قتل نفس من غير موجب شرعي وأنت احتفظ بولدك.

ولمّا مضت للمكّني ثمان عشرة سنة أتاه إنسان وقال له: إن أبا الحسن بن جلّول - وهو صاحب قصر إبن جلّول (٨٠) المشهور بالبلد (٨١) وهو اليوم حبس على أولاد البجّار، وكان رجلا موسرا - معه فلان وفلان وعدّ له جماعة، عاملون على قتلك، وهم يجتمعون كلّ ليلة يدبّرون في الحيلة ليقتلوك، فأرسل لأبي الحسن بن جلّول فأتي به وسجنه، فأتت أمّه وأقاربه للشّيخ سيدي محمّد الكراي، وطلبوا منه أن يسرّحه من السّجن، فذهب الشّيخ للمكّني، فلمّا رآى الشّيخ قام له ورحّب به وسأله عن مطلوبه، فلمّا عرّفه بمراده قال له: يا سيّدي كلّ ما تريده أقضيه (٨٢) من غير تحديد ولا استثناء إلاّ أبا الحسن الجلّولي فإنّه يريد قتلي، فقال له الأستاذ: ما جئتك إلاّ شافعا فيه، وكان لا يعصي للشّيخ / أمرا، وكانت أمّ المكّني مشرفة من كوة عليهما تسمع ما يجري بينهما من المحاورة، فلمّا أيس الشّيخ منه، قال: شدّ الله حبلك وانصرف، فتغيّرت أمّ المكّني لردّه للشّيخ (٨٣) بشفاعته وسألت ولدها عمّا قال له الشّيخ، فقال لها: قال شدّ الله حبلك، فقالت: من شدّ حبله قطع، فأمرته بردّ الشّيخ وطلب رضاه، فلحق الشّيخ بعد أن سرح إبن جلّول وقبّل رأسه ويديه وأعلمه أنه سرّح إبن جلّول، وطلب منه رضاه وتطييب قلبه عليه، فقال له: قد قبلت الدعوة فانتظر خراب


(٨٠) ما زال معروفا بهذا الإسم قرب سوق بلعج في وسط المدينة غربا.
(٨١) في ش: «للبلد».
(٨٢) في ط: «نقظيه».
(٨٣) في الأصول: «لرد الشّيخ».