للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكحديث الثّلاثة (٢٣) الذين دخلوا لغار في جبل فوقعت (٢٤) على فم الغار صخرة فانطبق عليهم، وذكر كل واحد منهم ما أنعم الله عليه به من طاعته، وتوسّل إلى الله بذلك، فانفرجت عنهم / وأنكرها المعتزلة والحليمي (٢٥) بصيغة الكبر من الكرامية أتباع محمّد بن كرام (٢٦) وهم محجوجون بما سبق من أدلّة العقل والنّقل ولا تظهر على يد الفسقة الفجرة باتّفاق القائلين بثبوتها فلا تقع إلاّ على يد الأتقياء البررة التّابعين للرّسل، وبذلك فارقت السّحر الواقع على (يد الكفرة كاليهود، والكهانة الواقعة على يد المتنبّي كمسيلمة، والإبتلاء الواقع على [يد] مدّعي الألوهية كالدّجّال (٢٧) لكفرهم) (٢٨) وكذا الشّعبذة إذ المتّقي يتنزّه عن فعلها، وكذا المعجزة إذ الرّسول مستقلّ بأمره، وإن أمر بشرع من قبله فهو متّبع لما أمر به لا للرسول الذي كلف بشرعه بخلاف الولي فإنه منقاد للرّسول. وقول القاضي أبي بكر الباقلاني (٢٩): يجوز ظهور الخارق على يد الفاسق إستدراجا وعلى يد الرهبان وأهل الصّوامع مع أنّهم مقيمون على الكفر، فقال إمام الحرمين (٣٠): هذه ليست كرامة، فإن الخارق أعمّ، نعم تظهر الكرامة على يد غير التّقي فتخرجه من الضّلال إلى الهدى والتّقوى، وتسمّى إعانة كما تسمى كرامة، كأهل الكهف حيث أنقذهم الله من ملّة آبائهم إلى الهدى والإيمان.


(٢٣) حديث أصحاب الغار مخرج في الصّحيحين عن عبد الله بن عمر وهو حديث طويل.
(٢٤) في الأصول: «فوقع».
(٢٥) الحليمي أشعري ليس من الكرامية، وهو الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجاني، أبو عبد الله، فقيه شافعي قاض كان رئيس أهل الحديث فيما وراء النهر، مولده في جرجان (٣٣٨/ ٩٥٠) ووفاته في بخارى (٤٠٣/ ١٠١٢) له منهاج في شعب الإيمان (خط) رأيت منه مجلدا ضخما في المكتبة النورية التي نقلت إلى المكتبة الوطنية بتونس، قال الأستوي: جمع فيه أحكاما كثيرة ومعاني غريبة أظفر بكثير منها في عسر، أنظر: الإعلام ٢/ ٢٣٤.
(٢٦) إبن كرام - بكسر الكاف - أو كرام بتشديد الراء، وهو محمد بن كرام بن عراق بن حزابة، أبو عبد الله السخري إمام الكرامية من فرق الإبتداع في الإسلام، كان يقول بأنّ الله تعالى مستقرّ على العرش، وأنّه جوهر، فهو من المجمعة، ولد في سجستان وجاور بمكة خمس سنين، وورد نيسابور، فحبسه طاهر بن عبد الله ثمّ انصرف إلى الشّام وعاد إلى نيسابور فحبسه محمد بن طاهر، وخرج منها سنة ٢٥١/ ٨٦٥ إلى القدس فمات بها سنة ٢٥٥/ ٨٦٩ الاعلام ٧/ ١٤ (ط.٥).
(٢٧) هو المسيح الذي ينتظره اليهود وهو عندهم من نسل داود - ص: - يعيد لهم ملكهم بفلسطين.
(٢٨) ما بين القوسين في مكانه في ط وت وب: «مدعى الألوهية كالدجال لكفره».
(٢٩) هو سيف أهل السّنّة.
(٣٠) هو عبد الملك بن يوسف الجويني الشّافعي من أئمة أهل السّنّة ومن نظّارهم من شيوخ الإمام الغزالي.