للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّحابة لا يحتاج معها إلى الكرامة، ولأنّ الزمن الأول كان كثير النور فلو (٣٨) حصلت لم تظهر كلّ الظهور لاضمحلالها في نور النبوّة بخلاف من بعدهم، ألا يرى أنّ القنديل لا يظهر نوره في القناديل بخلافه في الظلام، والنّجوم لا يظهر لها نور مع نور الشّمس.

قال الشّيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقاته: قال السّبكي: إنّي لأعجب كلّ العجب من منكر الكرامة، وأخشى عليه المقت، ويزداد تعجّبي من نسبة إنكارها إلى الأستاذ الأسفرائيني (٣٩) وهو من أساطين السّنّة والجماعة على أنّ نسبة إنكارها إليه على الإطلاق كذب، والذي ذكره الرّجل في كتبه أنّها لا تبلغ مبلغ خرق العادة، وقال:

كلّما كان معجزة لنبيء لا يجوز مثله كرامة لولي، وإنما غاية الكرامة إجابة دعوة أو شربة ماء في مفازة أو كسرة في منقطعة وما يضاهي ذلك، وجرى على نحوه القشيري فقال: إن الكرامة لا تنتهي إلى وجود إبن بغير أب، وقلب جماد بهيمة، لكنّ الجمهور على الإطلاق / وقد أنكروا التفصيل على قائله حتّى ولده أبو نصر في الرّشد، وإمام الحرمين في الإرشاد، وقال: إنه مذهب متروك، وبالغ النووي فقال: إنه غلط وإنكار للحسّ، وإن الصّواب (٤٠) وقوعها بقلب الأعيان ونحوه.

وقد عدّ بعض الأئمة الأنواع الواقعة من الكرامات عشرين، وهي أكثر بكثير.

النّوع الأوّل: إحياء الموتى وهو أعلاها، فمن ذلك أنّ أبي عبيد البسري غزا (٤١) ومعه دابّة فماتت، فسأل الله تعالى أن يحييها حتى يرجع إلى بلده، فقامت تنفض أذنيها، فلمّا بلغ بلده سقطت ميّتة.

ومنها أنّ مفرجا الدماميني الصّعيدي أحضر له فراخ مشويّة، فقال لها: طيري بإذن الله تعالى فطارت.

وكان للشّيخ الأهدل هرّة فضربها خادمه فماتت فرماها فسأله الشّيخ عنها بعد ثلاثة أيّام، فقال: لا أدري، فناداها فجاءت تجري.

ووضع الكيلاني يده على عظام دجاجة أكلها وقال: قومي بإذن الله الذي يحيي العظام، فقامت.


(٣٨) كذا في ش، وفي بقية الأصول: «فلما».
(٣٩) في ط وت: «الاسفراني».
(٤٠) في ت وط: «والصواب».
(٤١) في ش: «غزى».