ومخالطتهم، فقال له الشّيخ أبو إسحاق: سلهم من أفضل: أبو بكر وعمر أو علي؟ فقال: يقولون عليّا أفضل، فقال الشّيخ: لا توادهم ولا تسلّم عليهم ولا تناكحهم، فإنّ من فضّل عليّا على أبي بكر وعمر فقد أزرى باثني عشر ألف صحابي صحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأنّه صلّى الله عليه وسلم مات وبالمدينة وما حولها ممّن آمن به وصحبه / نحو إثني عشر ألف، كلّهم إتفقوا على ولاية أبي بكر وعمر وتفضيلهما - رضي الله تعالى عنهم أجمعين -، فمن أزرى بواحد منهم هلك، فكيف بمن خالفهم وأزرى بهم أجمعين؟ والصّحابة - رضي الله تعالى عنهم - لا يجتمعون على ضلالة، فمن نسب إليهم أو إلى أحد منهم ظلما أو ضلالا فهو الظّالم المضلّ، وهم الهداة الأئمّة الرّاشدون.
وقال أبو حفص عمر بن مثنى: كلّ من أدركت بهذا السّاحل من عالم أو عابد كان يستتر وينزوي بدينه من بني عبيد إلاّ أبا إسحاق، فإنّه بائن، ووثق بالله، فلم يسلّمه، ومسك به قلوب المؤمنين، وأعزّ به الدّين وهيّبه في عيون المارقين.
وأخبر أبو حفص عمر بن مثنى عن محمّد بن عبد الرّحيم بن علي بن أخي عبد الرّحيم إبن عبد ربّه الزّاهد أن محمّد بن سحنون أتى بعد موت سحنون هو وأصحابه زائرين إلى عبد الرّحيم بن عبد ربّه الزّاهد، فسلّم عليه، فردّ عليه السّلام، وتركه جالسا حيث بلغ به المجلس ولم يقبل عليه حتّى انصرف، فلمّا كانت الجمعة الآتية إستنهض إبن سحنون أصحابه في الرّجوع إلى عبد الرّحيم، فقالوا له: رأيناه لم يقبل عليك، فقال لهم: ليس هذه بغيتي، هو رجل صالح ترجى بركته وبركة دعائه، وقد كان سحنون يأتيه ويتبرك بدعائه ويلجأ إليه في المهمّات من الأمور، فعاد إبن سحنون وأصحابه إلى عبد الرّحيم فلمّا رآه قام له على رجليه وأجلسه في موضعه، ولم يزل مقبلا عليه حتّى انصرف. فرجع إليه بعض أصحاب إبن سحنون فقال له: أصلحك الله رأينا فيك عجبا، فقال له: وما هو / يا ابن أخي؟ قال: أتاك إبن سحنون تلك الجمعة، فلم تقبل عليه، ثمّ أتاك اليوم فأقبلت عليه. فقال عبد الرّحيم: والله ما أردت بذلك إلاّ وجه الله، رأيت إجتماع النّاس حوله فخفت عليه الفتنة، فعملت ما عملت لأحزنه، فرأيت الليلة المقبلة قائلا يقول لي: ما لك لم تقبل على إبن سحنون وهو ممّن يخشى الله؟ فكان منّي ما رأيت.
ومن أصحاب الشّيخ أبي إسحاق الشّيخ أبو زكرياء يحيى، ويعرف بابن المزيدي كان في سبيله، فكتب في جملة البحريين. فرفع إلى المهدية. فوجّه إلى الشّيخ أبي إسحاق وعرّفه أنّ الوقت وقت إستعانة، وتعرّف إلى أين يذهبون، قال: فوصلوا بي عند