بِالْجَمِيلِ اخْتِيَارِيًّا أَمْ لَا فِعْلًا أَمْ لَا عَلَى فِعْلٍ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ، وَالشُّكْرُ مَا دَلَّ عَلَى تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِإِنْعَامِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ اعْتِقَادٍ، وَشُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ، وَالْمُولِي بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُعْطِي، وَالنِّعَمُ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ الْمُلَائِمَةِ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا بَيَانٌ لِمَا وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى النِّعَمِ، فَالْمَعْنَى عَلَى نِعَمٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
التَّعْرِيفِ أَنَّ مَوْرِدَ الْحَمْدِ خَاصٌّ وَمُتَعَلِّقَهُ عَامٌّ، وَمَوْرِدَ الشُّكْرِ عَامٌّ، وَمُتَعَلِّقَهُ خَاصٌّ لِتَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ لِإِنْعَامِهِ، وَالنِّسَبُ بَيْنَ الْمَعَانِي الْأَرْبَعَةِ مَعْلُومَةٌ.
قَوْلُهُ: [اخْتِيَارِيًّا أَمْ لَا إلَخْ] : تَعْمِيمٌ فِي الْمَحْمُودِ بِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا، وَقَوْلُهُ عَلَى فِعْلٍ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ هُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا اهـ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ] : أَيْ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ حَكَّمُوا الْعَقْلَ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، بَلْ الْحَسَنُ مَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ، وَالْقَبِيحُ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ وَاجِبًا أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ ظَهَرَتْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَهِيَ مِنْهُ تَعَالَى، بَلْ هَذَا مِنْ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَمَّا شُكْرُ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرِيَّةِ فَتَارَةً تَكُونُ وَاجِبَةً وَتَارَةً تَكُونُ مَنْدُوبَةً عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَ الشَّارِعُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الشَّرْعِ.
قَوْلُهُ: [بِكَسْرِ اللَّامِ] : أَيْ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ فَاعِلٍ، وَأَمَّا بِفَتْحِهِمَا فَهُوَ الْمَالِكُ أَوْ الْمُعْتِقُ أَوْ الصَّاحِبُ أَوْ الْقَرِيبُ، وَأَمَّا بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ فَهُوَ الْمُعْطَى اسْمُ مَفْعُولٍ.
قَوْلُهُ: [بِكَسْرِ النُّونِ] : وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَالْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَبِفَتْحِهَا التَّنَعُّمُ. قَالَ تَعَالَى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان: ٢٧] .
قَوْلُهُ: الْمُلَائِمَةُ: أَيْ الْمُوَافَقَةُ لِتَمَنِّي النَّفْسِ، وَلَمْ يَقُلْ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهَا شَرْعًا لِأَجْلِ شُمُولِهِ نِعَمَ الْكُفَّارِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَإِنَّ الْكُفَّارَ مُنْعَمٌ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْرِيفِ النِّعْمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ كُلُّ مُلَائِمٍ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ شَرْعًا، وَمِنْ ثَمَّ لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مُلَائِمٍ، فَالْكَافِرُ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ لَمْ تُحْمَدْ عَوَاقِبُ تِلْكَ النِّعَمِ، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute