للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَصَّهَا بِنَا أَيْ قَصَرَهَا عَلَيْنَا مَعَاشِرَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مِنْ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَعْرِفَةِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي جَاءَ بِهَا، وَكَذَا النِّعَمُ الْمَخْصُوصَةُ بِالشَّخْصِ فِي ذَاتِهِ كَشَكْلِهِ وَلَوْنِهِ وَصُورَتِهِ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ.

وَقَوْلُهُ وَعَمَّ أَيْ النِّعَمُ الَّتِي تَشْمَلُنَا وَغَيْرَنَا كَنِعْمَةِ الْوُجُودِ الشَّامِلَةِ لِكُلِّ مَوْجُودٍ، وَنِعْمَةِ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُ الشَّيْخِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا أَوْلَانَا مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْمَعْنَى عَلَى النِّعَمِ الَّتِي خَصَّهَا بِنَا وَلَمْ نَجْعَلْهُ عَلَى النِّعَمِ الَّتِي خَصَّنَا بِهَا لِيَكُونَ الْعَائِدُ الْمَحْذُوفُ ضَمِيرَ نَصْبٍ مُتَّصِلًا، وَهُوَ شَائِعٌ لَا شُذُوذَ فِيهِ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ الثَّانِي.

(وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ الْأَعْظَمِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ أَشْرَفِ الْأُمَمِ) هَذِهِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى قَصَدَ بِهَا طَلَبَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى أَعْظَمِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ إجْمَاعًا، وَأُمَّتُهُ جَمَاعَتُهُ وَهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَانُوا أَشْرَفَ الْأُمَمِ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ، وَالتَّابِعُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْمَتْبُوعِ (وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِمْ وَصَحْبِهِمْ أَجْمَعِينَ) يَجُوزُ عَطْفُ الْفِعْلِيَّةِ الْإِنْشَائِيَّةِ عَلَى الِاسْمِيَّةِ كَذَلِكَ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا مِمَّا قَبْلَهَا لِشُمُولِهَا النَّبِيَّ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [خَصَّهَا بِنَا] : الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْغَالِبِ كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ:

وَبَاءُ الِاخْتِصَاصِ فِيهِ يَكْثُرُ ... دُخُولُهَا عَلَى الَّذِي قَدْ قَصَرُوا

وَعَكْسُهُ مُسْتَعْمَلٌ وَجَيِّدٌ ... قَدْ قَالَهُ الْحَبْرُ الْهُمَامُ السَّيِّدُ

قَوْلُهُ: [أَيْ قَصَرَهَا عَلَيْنَا] : أَيْ وَلَسْنَا مَقْصُورِينَ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: [كَشَكْلِهِ وَلَوْنِهِ إلَخْ] : قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: ٢٢] .

قَوْلُهُ: [لِيَكُونَ الْعَائِدُ إلَخْ] : أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:

وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي ... فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إنْ انْتَصَبَ

إلَخْ قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ] : أَيْ فَفِي حَذْفِ الْعَائِدِ شُذُوذٌ لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>