للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلْبُهُ إلَيْهِمَا. وَهَذِهِ الْعِلَّةُ كَمَا تَجْرِي فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ تَجْرِي فِي الْحَرْبِيِّينَ إذَا دَخَلُوهُمَا بِأَمَانٍ.

(وَأُخِذَ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِيِّينَ النَّازِلِينَ) عِنْدَنَا (بِأَمَانٍ عُشْرُ مَا قَدِمُوا بِهِ) لِلتِّجَارَةِ مِنْ عُرُوضٍ وَطَعَامٍ بَاعُوا أَوْ لَمْ يَبِيعُوا. وَاَلَّذِي لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ عَامِلُ أَوَّلِ قُطْرٍ دَخَلُوهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إذَا انْتَقَلُوا لِآخَرَ مَا دَامُوا فِي بِلَادِنَا حَتَّى يَذْهَبُوا لِبِلَادِهِمْ وَيَنْقَلِبُوا إلَيْنَا مَرَّةً أُخْرَى، لِأَنَّ جَمِيعَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ. وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَعِلَّةُ الْأَخْذِ مِنْهُمْ الِانْتِفَاعُ وَهُمْ غَيْرُ مَمْنُوعِينَ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَكُلَّمَا تَكَرَّرَ نَفْعُهُمْ تَكَرَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُمْ، (إلَّا لِشَرْطٍ) فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا وَقَعَ الِاشْتِرَاطُ عَلَيْهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ قَدِمُوا بِعَيْنٍ لِلتِّجَارَةِ أُخِذَ عُشْرُ قِيمَةِ مَا اشْتَرَوْهُ بِهَا، وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بَيْعِ خَمْرٍ إلَّا إذَا حَمَلُوهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ بَيْعِهِ لَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ عُشْرُ ثَمَنِ مَا بَاعُوهُ مِنْهُ.

(وَلَا يُعَادُ) الْأَخْذُ مِنْهُمْ (إنْ رَحَلُوا) مِنْ أُفُقٍ (لِأُفُقٍ آخَرَ) لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ جَمِيعَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ، فَمَا دَامُوا فِيهَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الْأَخْذُ مِنْهُمْ حَتَّى يَذْهَبُوا لِبِلَادِهِمْ، ثُمَّ يَرْجِعُوا بِأَمَانٍ آخَرَ وَلَوْ تَكَرَّرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا؛ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَرَّةً فَقَطْ فِي الْعَامِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ] : أَيْ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِيِّينَ.

قَوْلُهُ: [قَلَّ أَوْ كَثُرَ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَبْلَ نُزُولِهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَهُمْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعُشْرِ وَإِنْ بِأَضْعَافٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ النُّزُولِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ إلَّا الْعُشْرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي الْحَسَنِ.

قَوْلُهُ: [فَيُمَكَّنُونَ مِنْ بَيْعِهِ لَهُمْ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَمُقَابِلُهُ لَا يُمَكَّنُونَ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

قَوْلُهُ: [وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ] إلَخْ: هَذَا فِي الْحَرْبِيِّينَ. وَمِثْلُهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>