لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاسُلِ وَبَقَاءِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَكَفِّ النَّفْسِ عَنْ الزِّنَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ وَلِذَا قَالَ:
(نُدِبَ النِّكَاحُ) وَقَدْ يَجِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا، وَقَدْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَخْشَ الزِّنَا وَأَدَّى إلَى حَرَامٍ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ إضْرَارٍ أَوْ إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاسُلِ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحِكْمَتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ يَجِبُ إنْ خَشِيَ] إلَخْ: أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ أَذًى إلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا. وَالظَّاهِرُ - كَمَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ - وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخَائِفَ مِنْ الزِّنَا مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا، لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ كَمَا أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ، فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إذَا خَافَ الزِّنَا وَجَبَ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَدَّى الْإِنْفَاقَ مِنْ حَرَامٍ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا اسْتَحْكَمَ الْأَمْرُ فَالْقَاعِدَةُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [أَوْ إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ] : أَيْ كَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوْقَاتِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِتَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِي النِّكَاحِ أَوْ لَا، وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَوْ لَا، فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ إنْفَاقٍ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، أَوْ مَعَ وُجُودِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ. وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ خَافَ بِهِ قَطْعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ كُرِهَ، رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَرَجَا النَّسْلَ نُدِبَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ أُبِيحَ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمِ الْمَنْدُوبِ وَالْجَائِزِ وَالْمَكْرُوهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبَ التَّحْرِيمِ، وَالْمَرْأَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ إلَّا فِي التَّسَرِّي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute