(وَهُوَ) : أَيْ النِّكَاحُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ: (عَقْدٌ لِحِلِّ تَمَتُّعٍ) : أَيْ اسْتِمْتَاعٍ وَانْتِفَاعٍ وَتَلَذُّذٍ (بِأُنْثَى) وَطْئًا وَمُبَاشَرَةً وَتَقْبِيلًا وَضَمًّا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: " لِحِلِّ " إلَخْ: عِلَّةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْعَقْدِ، وَخَرَجَ بِهِ سَائِرُ الْعُقُودِ مَا عَدَا الْمَحْدُودَ وَالشِّرَاءَ لِلْأَمَةِ وَإِنْ لِمُسْتَوْلِدِهَا؛ إذْ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهِ حِلُّ التَّمَتُّعِ بَلْ الِانْتِفَاعُ الْعَامُّ وَمِلْكُ الذَّاتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ. وَوَصَفَ الْأُنْثَى بِقَوْلِهِ: (غَيْرِ مَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَحْرَمٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عَقْدٌ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ: اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَمَا هُوَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ؟ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ إلَخْ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ هَلْ تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا تَحْرُمُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ. إنْ قُلْت مُقْتَضَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ حِلُّ الْمَبْتُوتَةِ بِمُجَرَّدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ خُصِّصَتْ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» إلَخْ وَالْإِجْمَاعُ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهِ حِلَّ التَّمَتُّعِ] : أَيْ بِخُصُوصِهِ بَلْ الْأَصْلُ فِيهِ مِلْكُ الذَّاتِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَالتَّمَتُّعُ مِنْ تَوَابِعِ مِلْكِ الذَّاتِ، بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَّا الِانْتِفَاعَ لَا الذَّاتَ وَلَا الْمَنْفَعَةَ، فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ مِنْهَا الِانْتِفَاعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [بِنَسَبٍ] إلَخْ: مُحَرَّمُ النَّسَبِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute