بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ قَبْلَ جَفَافِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ: بَاطِنُ الْكَفِّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ فَلَا يَكْفِي دَلْكُ الرِّجْلِ بِالْأُخْرَى، خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا الدَّلْكُ بِظَاهِرِ الْيَدِ. وَهَذَا فِي الْوُضُوءِ، وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَيَكْفِي كَمَا سَيَأْتِي. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَيُكْرَهُ التَّشْدِيدُ وَالتَّكْرَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ الْمُؤَدِّي لِلْوَسْوَسَةِ.
(وَمُوَالَاةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) : الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ: الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ لَا يَتَرَاخَى بَيْنَهُمَا. وَالتَّعْبِيرُ (بِالْمُوَالَاةِ) أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفَوْرِ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْعَجَلَةَ حِينَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ إنْ كَانَ ذَاكِرًا قَادِرًا عَلَيْهَا. فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ اخْتِيَارًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بَطَلَ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْوُضُوءِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْغُسْلِ، وَإِلَّا كَانَ مُجَرَّدَ إفَاضَةٍ أَوْ غَمْسٍ. إنْ قُلْت: حَيْثُ كَانَ الدَّلْكُ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْغُسْلِ، فَفَرْضِيَّةُ الْغُسْلِ مُغْنِيَةٌ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؟ قُلْت: ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَوِيِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ وَاجِبٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، فَإِنْ وَصَلَ لَهَا بِدُونِهِ لَمْ يَجِبْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ يُسَمَّى غَسْلًا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الْعَدَوِيِّ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ] إلَخْ: أَيْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ الْيَدِ لِلصَّبِّ.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ] إلَخْ: هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأُجْهُورِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَفِي (ب ن) نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ: أَنَّ الدَّلْكَ فِي الْوُضُوءِ كَالْغُسْلِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، فَيَكْفِي الدَّلْكُ بِأَيِّ عُضْوٍ كَانَ، أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ بِحَكِّ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ بِالْأُخْرَى، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ وَمِنْ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ. تَنْبِيهٌ:
لَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْمَاءِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ حَيْثُ عَمَّ الْمَاءُ الْعُضْوَ حَالَةَ كَوْنِهِ طَهُورًا، إلَّا أَنْ يَتَجَسَّدَ الْوَسَخُ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ بِمُرَادٍ] : أَيْ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ التَّرَاخِي الَّذِي بِهِ الْجَفَافُ.
قَوْلُهُ: [قَادِرًا عَلَيْهَا] : قَيَّدَهَا الْمُصَنَّف وَالشَّارِحُ بِالْقُدْرَةِ تَبَعًا لِخَلِيلٍ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute