وَأَعَادَهُ بِالنِّيَّةِ. وَإِنْ فَرَّقَ نَاسِيًا كَوْنَهُ فِي وُضُوءٍ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا، فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: (وَبَنَى النَّاسِي مُطْلَقًا بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ كَالْعَاجِزِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِلَّا بَنَى مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ عُضْوٍ وَزَمَنٍ اعْتَدَلَا كَالْعَامِدِ) : يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ نَاسِيًا كَوْنَهُ فِي وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ لَمْ يَطُلْ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، بِنِيَّةِ إتْمَامِ وُضُوئِهِ وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا لَوْ فَرَّقَ عَاجِزًا عَنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْرِطًا فِي أَسْبَابِ الْعَجْزِ؛ كَمَا لَوْ أَعَدَّ مَاءً كَافِيًا لِوُضُوئِهِ فَأُهْرِيقَ مِنْهُ،
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَشْهُورُ، وَإِنْ نَازَعَهُ (ر) وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَذَا عَامِدًا عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا، كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَّتِهَا عَمْدًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَأَعَادَهُ بِالنِّيَّةِ] : أَيْ ابْتَدَأَهُ وُجُوبًا إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَبْنِي] إلَخْ: أَيْ إنْ شَاءَ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، فَالْمُتَوَضِّئُ مُخَيَّرٌ فِي إتْمَامِ الْوُضُوءِ وَتَرْكِهِ، حَصَلَ نِسْيَانٌ أَمْ لَا. فَيَجُوزُ لَهُ رَفْضُ النِّيَّةِ وَيَبْتَدِئُهُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ:
صَلَاةٌ وَصَوْمٌ ثُمَّ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ ... طَوَافٌ عُكُوفٌ وَائْتِمَامٌ تَحَتَّمَا
وَفِي غَيْرِهَا كَالطُّهْرِ وَالْوَقْفِ خُيِّرْنَ ... فَمَنْ شَاءَ فَلِيَقْطَعْ وَمَنْ شَاءَ تَمَّمَا
وَلِابْنِ كَمَالٍ بَاشَا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ:
مِنْ النَّوَافِلِ سَبْعٌ تَلْزَمُ الشَّارِعَ ... أَخْذًا لِذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِعُ
صَوْمٌ صَلَاةٌ عُكُوفٌ حَجُّهُ الرَّابِعُ ... طَوَافُهُ عُمْرَةٌ إحْرَامُهُ السَّابِعُ
فَأَرَادَ الْإِحْرَامَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَالدُّخُولَ مَعَهُمْ. وَهُوَ الِائْتِمَامُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَيَجِبُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ أَيْضًا، قَالَ الْمُحَلَّى وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَلَبُ الْكِفَائِيّ بِالشُّرُوعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ عِبَادَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ.
قَوْلُهُ: [بِنِيَّةِ إتْمَامٍ] إلَخْ: أَيْ بِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ. لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى ذَهَبَتْ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَنِيَّتُهُ حَاضِرَةٌ حُكْمًا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدٍ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ أَعَدَّ مَاءً كَافِيًا] : أَيْ تَحْقِيقًا.