أَوْ غُصِبَ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ فَإِنَّهُ يَبْنِي كَالنَّاسِي مُطْلَقًا طَالَ أَوْ لَمْ يَطُلْ - وَإِنْ كَانَ مُفْرِطًا - كَمَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ وَلَوْ ظَنًّا وَلَمْ يَكْفِهِ - فَإِنَّهُ: يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ مَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ، وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَامِدِ الْمُخْتَارِ؛ كَاَلَّذِي يَغْسِلُ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ بِمَكَانٍ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِتَكْمِيلِهِ بِمَكَانٍ آخَرَ، أَوْ اسْتَمَرَّ فِي مَكَانِهِ تَارِكًا لِتَكْمِيلِ وُضُوئِهِ قَصْدًا بِلَا رَفْضٍ. فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ وُجُوبًا لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ. وَالطُّولُ يُقَدَّرُ بِجَفَافِ الْعُضْوِ الْأَخِيرِ فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ؛ أَيْ الَّذِي لَا حَرَارَةَ بِهِ وَلَا بُرُودَةَ وَلَا شِدَّةَ هَوَاءٍ. وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اعْتِدَالُ الْعُضْوِ، أَيْ تَوَسُّطُهُ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، احْتِرَازًا مِنْ عُضْوِ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ السِّنِّ. وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ الْقُطْرُ حَارًّا وَلَا بَارِدًا.
(وَأَتَى بِالْمَنْسِيِّ فَقَطْ إنْ طَالَ، وَإِلَّا أَعَادَ مَا بَعْدَهُ لِلتَّرْتِيبِ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ] : أَيْ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [مُطْلَقًا] : بَيَانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ لَكِنَّ النَّاسِيَ بِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ هَذَا لِمَا عَلِمْت. فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مُطْلَقًا خَمْسٌ غَيْرَ النَّاسِي.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ ظَنًّا] : مِنْ قِبَلِ الْمُبَالَغَةِ: الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ. فَمَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. وَأَوْلَى مِنْهُمَا فِي الْحُكْمِ مَنْ ظَنَّ الْكِفَايَةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا. وَمِثْلُ هَذِهِ الصُّوَرِ؛ الْمُفَرِّقُ عَمْدًا بِغَيْرِ نِيَّةِ رَفْضِ الْوُضُوءِ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا - مَا لَمْ يُطِلْ - خَمْسٌ، وَالصُّوَرُ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا - وَلَوْ طَالَ - سِتٌّ بِالنَّاسِي. وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ فَتُؤْخَذُ السِّتُّ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مُطْلَقًا مِنْ قَوْلِهِ: [وَبَنَى النَّاسِي مُطْلَقًا بِنِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ كَالْعَاجِزِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ] . وَتُؤْخَذُ الْخَمْسُ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مَا لَمْ يُطِلْ مِنْ قَوْلِهِ: [وَإِلَّا بَنَى مَا لَمْ يُطِلْ] ، وَقَوْلِهِ: [كَالْعَامِدِ] .
وَقَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: مَنْ عَلِمَ عَدَمَ الْكِفَايَةِ أَوْ ظَنَّهَا فَلَا يَبْنِي وَلَوْ قَرَّبَ لِلتَّلَاعُبِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْفَسَادِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ] : كَمَا عَزَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ.
قَوْلُهُ: [هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ] إلَخْ: فَلِذَلِكَ قَدَّمَهَا هُنَا، وَإِنْ ذَكَرَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute