للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتَلْت فُلَانًا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ (اهـ) أَيْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ: أَنَّ ارْتِكَابَ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَاجِبٌ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَمِثْلُهُ) : أَيْ مِثْلُ الطَّلَاقِ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ (الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْيَمِينُ) ؛ فَمَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ، أَوْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَه مَثَلًا، أَوْ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى نَذْرِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرَهَ شَيْءٌ، (وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ) مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ يَمِينٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرَهَ شَيْءٌ، وَالْإِكْرَاهُ فِيمَا ذُكِرَ يَكُونُ بِخَوْفٍ أَوْ ضَرْبٍ مُؤْلِمٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

(بِخِلَافِ) الْإِكْرَاهِ عَلَى (الْكُفْرِ: كَالسَّبِّ) لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِنَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ،

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [أَيْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ] : مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْهُ مُجَرَّدُ نُكُولٍ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ دَلَّ الظَّالِمُ عَلَى الْمَظْلُومِ فَيَضْمَنُ قَطْعًا، وَلَا يُعْذَرُ بِالْإِكْرَاهِ.

قَوْلُهُ: [وَيُرَدُّ عَلَيْهِ] إلَخْ: هَذَا الْبَحْثُ يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْحَلِفِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَكِنْ عَدَمُ الضَّمَانِ مُرَاعَاةٌ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْبَحْثَ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلِكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّخْلِيصُ عَلَى الْحَلِفِ كَاذِبًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ، فَيَكُونُ مُخَصَّصًا لِمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: [وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى نَذْرِ شَيْءٍ] إلَخْ: مِثْلُ مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِالْتِزَامِ طَاعَةٍ كَمَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ لِمَكَّةَ لَيُصَلِّيَنَّ الظُّهْرَ أَوَّلَ وَقْتِهَا، أَوْ لَا يَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، فَهَلْ إذَا خَالَفَ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَا يُعَدُّ مُكْرَهًا أَوْ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ نَظَرًا لِلْإِكْرَاهِ؟ قَوْلَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينِ عَلَى الطَّاعَةِ (اهـ) .

قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكُفْرِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْ طَلَاقٍ وَأَيْمَانٍ لِغَيْرِهِ، وَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ وَإِقْرَارٍ وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ، يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ بِالْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ، وَمَا مَعَهُ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمُورُ وَهِيَ الْكُفْرُ وَمَا مَعَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ إلَّا بِخَوْفٍ مِنْ الْقَتْلِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: [أَوْ لِنَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ] : أَيْ مُجْمَعٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ وَمِثْلُهُمَا الْحُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>