(كَ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ طَلْقَةٍ، عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّلَاقِ كُلَّ الطَّلَاقِ، (أَوْ) قَالَ: (كُلَّمَا حِضْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَيَنْجَرُّ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ وَلَا يَنْتَظِرُ لِوُقُوعِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ الْغَالِبِ وُقُوعُهُ، وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرَ وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْحَيْضُ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (أَوْ قَالَ: كُلَّمَا) طَلَّقْتُك (أَوْ: مَتَى مَا طَلَّقْتُك، أَوْ) كُلَّمَا أَوْ مَتَى مَا (وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَلَّقَ وَاحِدَةً) فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ، لِأَنَّهُ بِإِيقَاعِ الْوَاحِدَةِ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ، وَبِوُقُوعِهَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ، لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ، (أَوْ) قَالَ: (إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّلَاقِ] إلَخْ: أَيْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ لَا الطَّلَاقَ الشَّرْعِيَّ، وَإِلَّا كَأَنْ يَقُولَ إلَّا نِصْفَهُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ] : هَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ مُعْتَرِضًا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، حَيْثُ قَالَ هَذَا فِي غَيْرِ الْيَائِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا الْيَائِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ يَقُولُ لِإِحْدَاهُمَا إذَا حِضْت فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَرَى دَمَ الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ قَالَ كُلَّمَا طَلَّقْتُك] إلَخْ: أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلِيتِي حَرُمْتِي، نُظِرَ لِقَصْدِهِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ: كُلَّمَا حَلِيتِي لِي بَعْدَ زَوْجٍ حَرُمْتِي تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا، وَإِنْ أَرَادَ كُلَّمَا: حَلِيتِي لِي بِالرَّجْعَةِ فِي هَذِهِ الْعِصْمَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ حَرُمْتِي حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ نُظِرَ لِعُرْفِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَ لِلْبِسَاطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّأْبِيدِ احْتِيَاطًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَّلَكِ شَيْخٌ حَرَّمَك شَيْخٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كُلَّمَا حَلِيتِي حَرُمْتِي، فَإِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ الثَّانِي بَعْدَ هَذِهِ الْعِصْمَةِ لَا يُحَلِّلُهَا، فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّ إرَادَتَهُ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا لِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا بَعْدَهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا إنْ حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ وَتَزَوَّجَهَا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِالْمُسَبَّبِ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا كَانَ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلَ الْمُسَبَّبِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute