طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَيْنِ، وَطَلَّقَ) : لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَرْعَيْنِ، وَيُلْغِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ الْأَمْسِ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ) لِلطَّلَاقِ (كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ، كَيَدٍ) وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَأُنْمُلَةٍ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ.
(وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِنَحْوِ شَعْرُك) مِمَّا يُعَدُّ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ كَشَعْرِك أَوْ كَلَامِك أَوْ رِيقِك طَالِقٌ. (لَا) يَلْزَمُ بِمَا لَا يُعَدُّ مِنْ الْمَحَاسِنِ نَحْوُ (بُصَاقٌ وَدَمْعٌ) وَسُعَالٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الثَّانِيَةَ فِعْلُهُ، فَتُجْعَلُ سَبَبًا لِلثَّالِثَةِ بِمُقْتَضَى أَدَاةِ التَّكْرَارِ.
قَوْلُهُ: [وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ] : هَذَا هُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِنَا، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ إذْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا، وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهَا لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ، فَإِنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَمَتَى وَقَعَ قَبْلَهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا كَانَ طَلَاقُهَا الصَّادِرُ مِنْهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، لَكِنْ قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَقْلِيدُ ابْنَ سُرَيْجٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَلَالٌ مُبِينٌ.
قَوْلُهُ: [وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ.
قَوْلُهُ: [مِمَّا يُعَدُّ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ] : أَيْ هُوَ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ أَوْ يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ، فَالْأَوَّلُ كَالرِّيقِ وَالثَّانِي كَالْعَقْلِ، لِأَنَّ بِالْعَقْلِ يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ بِهَا، بِخِلَافِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: [نَحْوُ بُصَاقٌ] : الْفَرْقُ بَيْنَ الرِّيقِ وَالْبُصَاقِ أَنَّ الرِّيقَ هُوَ مَاءُ الْفَمِ مَا دَامَ فِيهِ، فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَهُوَ بُصَاقٌ وَالْأَوَّلُ يُلْتَذُّ بِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي. تَنْبِيهٌ:
خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، فَقَالَ لَا يَلْزَمُ فِي: " كَلَامِك " شَيْءٌ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ رُؤْيَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُحَرِّمْ كَلَامَهُنَّ عَلَى أَحَدٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، فَإِنَّ وَجْهَ الْأَجْنَبِيَّةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَتَطْلُقُ بِهِ وَفِي الْحَاشِيَةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، إنْ قَالَ: اسْمُك طَالِقٌ، يَلْزَمُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى لَفْظٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مُسَمَّاهُ، وَقَدْ قِيلَ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute