التَّحْرِيمِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّيِّ أَوْ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمِّك. (وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُهُ (لِلطَّلَاقِ إنْ نَوَاهُ بِهِ) : أَيْ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ، لِأَنَّ صَرِيحَ كُلِّ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا الْقَضَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ. (وَكِنَايَتُهُ) الظَّاهِرَةُ: وَهِيَ مَا سَقَطَ فِيهِ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ؛ أَيْ لَفْظُ ظَهْرٍ أَوْ لَفْظُ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ؛ فَالْأَوَّلُ: نَحْوَ (أَنْتِ كَأُمِّي، أَوْ) أَنْتِ (أُمِّي) بِحَذْفِ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ فَهُوَ ظِهَارٌ (إلَّا لِقَصْدِ كَرَامَةٍ) : أَيْ أَنْتِ مِثْلُهَا فِي الْمَنْزِلَةِ وَالتَّكْرِيمِ عِنْدِي (وَنَحْوِهَا) كَالشَّفَقَةِ وَالْحَنَانِ مِنْهَا، وَكَذَا إنْ كَنَى بِهِ عَنِيَ الْإِهَانَةَ وَالتَّوْبِيخَ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا.
الثَّانِي: كَقَوْلِهِ (أَوْ: أَنْتِ كَظَهْرِ ذَكَرٍ) كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو أَوْ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ ابْنِي (أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ) يَحِلُّ وَطْؤُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ، فَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ الْمَحْرَمِ وَالزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ، كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ وَلَيْسَتْ مَحْرَمًا وَلَا حَلِيلَةً لَهُ. (أَوْ) عَبَّرَ بِجُزْءٍ كَقَوْلِهِ: (يَدُكِ) أَوْ رَأْسُك أَوْ شَعْرُك (كَأُمِّي، أَوْ) مِثْلَ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي الْعِدَّةِ، فَهُوَ كَالتَّشْبِيهِ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ، لَا مِنْ الصَّرِيحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ رُشْدٍ، خِلَافًا لِقَوْلِ عب: بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ كَذَا فِي بْن.
قَوْلُهُ: [كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي] إلَخْ: أَيْ مِنْ النَّسَبِ، فَفِي الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ] : قَالَ النَّاصِرُ: حَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُدَوَّنَةُ فَمُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، فَإِذَا الشَّرْح ذَلِكَ فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِمَشْهُورِ الْمَذْهَبِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ
قَوْلُهُ: [أَوْ أَنْتِ أُمِّي] إلَخْ: قَدْ نَقَلَ ح أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَنْتِ أُمِّي يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ إنْ نَوَاهُ، وَإِلَّا فَظِهَارٌ، وَذَكَرَ الشَّرْح فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute