أَنْ يَذْكُرَ الظَّهْرَ فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَكِنَايَتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنْ لَا يَذْكُرَ الظَّهْرَ فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَأَنْ يَذْكُرَ الظَّهْرَ فِي غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ - وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ - فَهُوَ الْبَتَاتُ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الظِّهَارَ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفُتْيَا لَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَبَتَاتٌ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ: كَأَبِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ: وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ لَهُ أَوْ لِلطَّلَاقِ إلَّا بِالْقَصْدِ فَقَالَ:
(وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْكَلَامِ، كَ: انْصَرِفِي وَاذْهَبِي وَكُلِي وَاشْرَبِي، كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: " بِأَيِّ كَلَامٍ " ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: نَوَيْتُ بِهِ الظِّهَارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ نِيَّتِهِ، وَالطَّلَاقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ لِأَنَّ صَرِيحَ كُلِّ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
ذَلِكَ كُلِّهِ الْبَتَاتُ
قَوْلُهُ: [أَنْ لَا يَذْكُرَ الظَّهْرَ فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ] : أَيْ بِأَنْ يَذْكُرَ الْمَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ ظَهْرٍ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ كَأُمِّي، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَذْكُرَ الظَّهْرَ فِي غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، أَيْ كَقَوْلِهِ، أَنْتِ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ] : أَيْ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفُتْيَا] : أَيْ فِي لُزُومِ الظِّهَارِ فَقَطْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [فِي الْقَضَاءِ] : أَيْ فَيُؤَاخَذُ بِالظِّهَارِ الْبَتَاتِ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قَالَ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي] : هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا سَاقَهُ لِلِاسْتِدْلَالِ.
قَوْلُهُ: [أَنَّهُ إنْ دَلَّ الْبِسَاطُ] إلَخْ: أَيْ إذَا قَصَدَ التَّشْبِيهَ فِي التَّعْظِيمِ وَالشَّفَقَةِ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute