. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الصاوي]
وَأَمَّا إعْرَابُهَا فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: تُعْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتُبْنَى فِي حَالَةٍ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ. وَأَمَّا الْعَامِلُ فِيهَا فَهُوَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ مُقَدَّرٌ بِ أَقُولُ وَنَحْوِهِ، وَعَلَى أَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الشَّرْطِ فَالْعَامِلُ فِيهَا فِعْلُ الشَّرْطِ، وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ الْعَامِلُ فِيهَا الْوَاوُ النَّائِبَةُ عَنْ أَمَّا النَّائِبَةِ عَنْ مَهْمَا، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْجَزَاءِ كَانَتْ مَعْمُولَةً لِلْجَزَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَأَقُولُ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ، وَجَعْلُهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْجَزَاءِ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُونُ وُجُودُ الْمُؤَلَّفِ مُعَلَّقًا عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ مُطْلَقٍ. وَأَمَّا أَصْلُهَا فَهُوَ أَمَّا، وَأَصْلُ أَمَّا مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الْأَصْلُ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ نَائِبَةٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا عَاطِفَةٌ فَالْأَصْلُ، وَأَقُولُ بَعْدُ إلَخْ. وَأَمَّا حُكْمُ الْإِتْيَانِ بِهَا فَالِاسْتِحْبَابُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِأَصْلِهَا وَهُوَ أَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِهِ وَمُكَاتَبَاتِهِ.
وَأَمَّا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا فَقَدْ نَظَمَ الْخِلَافَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
جَرَى الْخُلْفُ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ بَادِئًا ... بِهَا خَمْسُ أَقْوَالٍ وَدَاوُد أَقْرَبُ
وَكَانَتْ لَهُ فَصْلَ الْخِطَابِ وَبَعْدَهُ ... فَقُسٌّ فَسَحْبَانُ فَكَعْبٌ فَيَعْرُبُ
وَأَمَّا الْفَاءُ بَعْدَهَا فَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ عَلَى تَوَهُّمِ وُجُودِ أَمَّا، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا فَالْفَاءُ رَابِطَةٌ لِلْجَوَابِ. وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ. وَأَمَّا اسْمُ الْإِشَارَةِ فَفِيهِ احْتِمَالَاتٌ سَبْعَةٌ أَبْدَاهَا السَّيِّدُ الْجُرْجَانِيِّ: وَهِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى الْأَلْفَاظِ أَوَالنُّقُوشِ أَوْ الْمَعَانِي أَوْ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، أَوْ الْمَعَانِي وَالنُّقُوشِ أَوْ الْأَلْفَاظِ وَالنُّقُوشِ، أَوْ الثَّلَاثَةِ. اخْتَارَ السَّيِّدُ الْجُرْجَانِيِّ مِنْهَا أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْخَارِجِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ فَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مَا فِي الذِّهْنِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبْتَدَأٌ وَكِتَابٌ خَبَرٌ. وَإِنْ قُلْت مَا فِي الذِّهْنِ مُجْمَلٌ وَالْكِتَابُ اسْمٌ لِلْمُفَصَّلِ فَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ. أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ مُفَصَّلُ هَذَا كِتَابٌ. فَإِنْ قُلْت: مَا فِي ذِهْنِ الْمُؤَلِّفِ جُزْئِيٌّ وَالْكِتَابُ اسْمٌ لِمَا فِي ذِهْنِ الْمُؤَلِّفِ وَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِالْكُلِّيِّ عَنْ الْجُزْئِيِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفَ مُضَافٍ ثَانٍ. أَيْ مُفَصَّلُ نَوْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute