وَالْكِتَابُ اسْمٌ لِلنُّقُوشِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِمَعَانِيهَا، وَجَلِيلٌ نَعْتٌ لَهُ، وَمَعْنَاهُ عَظِيمُ الشَّأْنِ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَى الْأَحْكَامِ النَّفِيسَةِ مَعَ سُهُولَةِ الْأَلْفَاظِ وَعُذُوبَتِهَا وَاخْتِصَارِهَا اخْتِصَارًا لَا يُخِلُّ بِالْمَعَانِي. وَمَعْنَى اقْتَطَفْته إلَخْ أَخَذْته وَجَمَعْته مِنْ مَعَانِي مُخْتَصَرِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي الضِّيَاءِ خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ، كَانَ مَعَ وُفُورِ عِلْمِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْعَارِفِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَشَيْخِهِ الْإِمَامِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَنَّا بِهِمْ، وَقَدْ شَبَّهَ الْمُخْتَصَرَ الْمَذْكُورَ بِرَوْضَةٍ مُثْمِرَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
هَذَا كِتَابٌ. وَالْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الذِّهْنَ لَا يَقُومُ بِهِ الْمُفَصَّلُ، وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْكِتَابَ لَا يَكُونُ اسْمًا لِلْمُجْمَلِ، وَعَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ بِالْمُفَصَّلِ عَنْ الْمُجْمَلِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْأَوَّلِ، وَالْإِشْكَالُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الْجِنْسِ، وَأَسْمَاءَ الْعُلُومِ مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الشَّخْصِ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الشَّيْءُ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ فَالْكُلُّ مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الشَّخْصِ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ فَالْكُلُّ مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الْجِنْسِ، وَالْفَرْقُ تَحَكُّمٌ وَكَوْنُ الشَّيْءِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ أَوْهَامٌ فَلْسَفِيَّةٌ لَا يُعْتَدُّ بِهَا، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ الثَّانِي أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [اسْمٌ لِلنُّقُوشِ إلَخْ] : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّارِحُ اخْتَارَ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَهُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قَوْلُهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ: بْنُ مُوسَى وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ وَهَمَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي إبْدَالِ مُوسَى بِيَعْقُوبَ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْعَارِفِينَ] : أَيْ لِكَوْنِهِ كَانَ مُجَاهِدًا لِنَفْسِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً بِمِصْرَ لَمْ يَرَ النِّيلَ لِاشْتِغَالِهِ بِرَبِّهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْجُنْدِ الْمُتَقَشِّفِينَ، وَلَهُ وَلِشَيْخِهِ كَرَامَاتٌ ذَكَرَ الْأَصْلُ بَعْضَهَا.
قَوْلُهُ: [بِرَوْضَةٍ مُثْمِرَةٍ] : أَيْ وَطَوَى ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَذِكْرُ الثِّمَارِ تَخْيِيلٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَالِاقْتِطَافُ تَرْشِيحٌ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الِانْتِفَاعُ التَّامُّ فِي كُلٍّ، فَإِنَّ الرَّوْضَةَ بِهَا انْتِفَاعُ الْأَجْسَادِ وَبِالْمُخْتَصَرِ انْتِفَاعُ الْأَرْوَاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute