للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذِكْرُ الثِّمَارِ تَخْيِيلٌ لِلْمَكْنِيَّةِ (فِي مَذْهَبِ إمَامِ أَئِمَّةِ دَارِ التَّنْزِيلِ) فِي مَذْهَبِ نَعْتٌ لِلْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْكَائِنُ ذَلِكَ الْمُخْتَصَرُ فِي مَذْهَبِ إمَامِ أَئِمَّةِ دَارِ التَّنْزِيلِ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ، وَالتَّنْزِيلُ: الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ،

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فِي مَذْهَبٍ] : هُوَ فِي الْأَصْلِ مَحَلُّ الذَّهَابِ كَالطَّرِيقِ الْمَحْسُوسَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، فَقَدْ شَبَّهَ الْأَحْكَامَ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا وَاعْتَقَدَهَا بِطَرِيقٍ يُوصِلُ إلَى الْمَقْصُودِ، وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا التَّوَصُّلُ لِلْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ، عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] .

قَوْلُهُ: [أَئِمَّةِ] : جَمْعُ إمَامٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَنْ بَلَغَ رُتْبَةَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَلَوْ صَغِيرًا، وَأَصْلُ أَئِمَّةِ: أَأْمِمَةٍ نُقِلَتْ كَسْرَةُ الْمِيمِ الْأُولَى إلَى الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أُدْغِمَتْ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ فَصَارَ أَئِمَّةٌ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ أَوْ بِتَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (دَارِ التَّنْزِيلِ) : أَيْ الْقُرْآنِ لِنُزُولِ غَالِبِهِ بِهَا.

قَوْلُهُ: [وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ] : أَيْ بِأَنْوَارِ الْمُصْطَفَى لِأَنَّهُ أَنَارَهَا حِسًّا وَمَعْنًى، وَلَهَا أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ أَنْهَاهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى تِسْعِينَ، مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ وَالشَّرْحُ، مِنْهَا قُبَّةُ الْإِسْلَامِ، وَمَدِينَةُ الرَّسُولِ، وَطَيْبَةُ، وَطَابَةُ، وَالرَّاحِمَةُ، وَالْمَرْحُومَةُ، وَالْهَادِيَةُ، وَالْمَهْدِيَّةُ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا بِيَثْرِبَ فَمَكْرُوهٌ وَمَا فِي الْآيَةِ حِكَايَةٌ عَنْ الْمُنَافِقِينَ.

قَوْلُهُ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَوَّلَهُ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ابْنُ خُثَيْلٍ - بِالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرٌ أَوَّلُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ - مِنْ ذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ فَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ وَعَادَةُ مُلُوكِهِمْ يَزِيدُونَ فِي الْعِلْمِ ذَا تَعْظِيمًا: أَيْ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ. وَأُمُّ الْإِمَامِ اسْمُهَا الْعَالِيَةُ بِنْتُ شَرِيكٍ الْأَزْدِيَّةُ، وَقِيلَ طُلَيْحَةُ مَوْلَاةُ عَامِرٍ بِنْتُ مَعْمَرٍ، وَكَانَ أَبُو الْإِمَامِ وَجَدُّهُ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ، وَجَدُّهُ مَالِكٌ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ حَمَلُوا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى قَبْرِهِ لَيْلًا وَدَفَنُوهُ بِالْبَقِيعِ، وَأَبُوهُ أَبُو عَامِرٍ صَحَابِيٌّ شَهِدَ الْمَغَازِي كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَا بَدْرًا، وَالْإِمَامُ تَابِعُ التَّابِعِينَ وَقِيلَ تَابِعِيٌّ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>