شَهْرَيْنِ) عَلَيْهِمَا.
(إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّبِيُّ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا (وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ؛ بِأَنْ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُرْضِعٌ فِي الْحَوْلَيْنِ فَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا. فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَلَا يُحَرِّمُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ فُطِمَ فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ فِطَامِهِ بِيَوْمٍ وَمَا أَشْبَهُ حُرِّمَ، وَفِي رِوَايَةِ: بِيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حُرِّمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلَّبَنِ لَكَانَ غِذَاءً لَهُ.
فَقَوْلُهُ: " إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ ": أَيْ وَقَدْ فُطِمَ، وَأَمَّا مَا دَامَ مُسْتَمِرًّا عَلَى الرَّضَاعِ فَهُوَ مُحَرِّمٌ وَلَوْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الطَّعَامَ، وَعَلَى فَرْضِ لَوْ فُطِمَ لَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ.
(مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) مَفْعُولُ " يُحَرِّمُ ": أَيْ يُحَرِّمُ كُلَّ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ مِنْ الْأُصُولِ وَإِنْ عَلَتْ، وَالْفُرُوعِ وَإِنْ نَزَلَتْ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ، لِأَنَّهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ خَالٌ أَوْ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ، وَكُلُّ فَرْعٍ لِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ. وَمِثْلُ النَّسَبِ: الصِّهَارَةُ وَهِيَ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُهَا إنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ، وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَقَوْلُهُ: " بِوُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ ": أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ مُتَّسَعٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَشَارَ لِمُحْتَرِزٍ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لَا) بِوُصُولِ (لَبَنِ بَهِيمَةٍ وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ) مِنْ امْرَأَةٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ، (وَلَا) يُحَرِّمُ وُصُولُ اللَّبَنِ لِجَوْفٍ (بِاكْتِحَالٍ بِهِ) أَيْ بِاللَّبَنِ، أَوْ مِنْ أُذُنٍ أَوْ مِنْ مَسَامِّ الرَّأْسِ لِعَدَمِ اتِّسَاعِ الْمَنْفَذِ: فَلَا يُسَمَّى رَضَاعًا، وَكَذَا الْوُصُولُ لِمُجَرَّدِ الْحَلْقِ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَهَا، وَتَحْرِيمُ اللَّبَنِ وَلَوْ صَارَ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا، وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ] : أَيْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، فَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ حُرْمَةُ بَقِيَّةِ السَّبْعَةِ الْكَائِنَةِ مِنْ الرَّضَاعِ قِيَاسًا عَلَى النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُ النَّسَبِ الصِّهَارَةُ] : أَيْ فِي كَوْنِ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute