(أَوْ) أَرْضَعَتْ (مَنْ) : أَيْ رَضِيعَةً (كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ) : أَيْ لِزَوْجِهَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَضِيعَةً مِنْ أَبِيهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، (وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَنْ) : أَيْ رَضِيعَةً (رَضَعَتْ مُبَانَتَهُ) : أَيْ مُطَلَّقَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا (بِلَبَنِ غَيْرِهِ) ، بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْهُ. وَصُورَتُهَا: طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا، فَهَذِهِ الرَّضِيعَةُ تَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ طَلَّقَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، (وَإِنْ أَرْضَعَتْ حَلِيلَتَهُ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (الَّتِي تَلَذَّذَ بِهَا زَوْجَتَيْهِ) الرَّضِيعَتَيْنِ (حُرِّمْنَ) : أَيْ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرْضِعَ صَارَتْ أُمًّا لِزَوْجَتَيْهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ وَالرَّضِيعَتَانِ صَارَتَا رَبِيبَتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَقَدْ تَلَذَّذَ بِأُمِّهِمَا مِنْهُ (وَإِلَّا) يَتَلَذَّذُ بِحَلِيلَتِهِ بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، (اخْتَارَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا (كَالْأَجْنَبِيَّةِ) تُرْضِعُ زَوْجَتَيْهِ الرَّضِيعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، (وَلَوْ تَأَخَّرَتْ) رَضَاعًا أَوْ عَقْدًا (وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ لِلْإِفْسَادِ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ] : أَيْ لِطُرُوءِ الْأُمُومَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ أَنْ تَكُونَ الْأُمُومَةُ سَابِقَةً، وَحُرْمَةُ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ لَهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مَدْخُولًا بِهَا. قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ] : أَيْ بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ كَانَ دَخَلَ بِتِلْكَ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتَ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: [وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا] : أَيْ لِكَوْنِهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ.
قَوْلُهُ: [كَالْأَجْنَبِيَّةِ] إلَخْ: تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي مَفْهُومِ التَّلَذُّذِ، فَالْأَجْنَبِيَّةُ تُحَرِّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الرَّضِيعَتَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ تَأَخَّرَتْ رَضَاعًا أَوْ عَقْدًا] : أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَتَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ الرَّضِيعَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر لَا يَخْتَارُ شَيْئًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute