(كَنَقْدِ الْآمِرِ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشْرَةٍ نَقْدًا - وَنَقَدَهَا لَهُ - وَأَنَا آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ لِأَنَّهُمَا أُجْرَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: لِي) فِي هَذَا الْفَرْضِ، وَهُوَ مَا إذَا نَقَدَ الْآمِرَ (كُرِهَ) وَقِيلَ: يَجُوزُ أَيْضًا وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلَهُ: (كَخُذْ) : أَيْ كَقَوْلِ بَائِعٍ لِمُشْتَرٍ: خُذْ مِنِّي (بِمِائَةٍ مَا) أَيْ سِلْعَةٍ (بِثَمَانِينَ) قِيمَةً؛ لِمَا فِيهِ مِنْ رَائِحَةِ الرِّبَا وَلَا سِيَّمَا إذَا قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: سَلِّفْنِي ثَمَانِينَ وَأَرُدُّ لَك عَنْهَا مِائَةً فَقَالَ الْمَأْمُورُ: هَذَا رِبًا، بَلْ خُذْ مِنِّي بِمِائَةٍ إلَخْ. (أَوْ) قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ (اشْتَرِهَا وَ) أَنَا (أُرْبِحْكَ) وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرَ الرِّبْحِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ. فَإِنْ عَيَّنَهُ مُنِعَ.
(وَإِلَّا) عَطْفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدِّمِ (أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ وَ) وَأَنَا اشْتَرِيهَا مِنْك (بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا) ، فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَنَقْدِ الْآمِرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ بِشَرْطٍ اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ كَمَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مَا إذَا نَقَدَ الْآمِرُ] : صَوَابُهُ وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ الطَّالِبُ النَّقْدَ عَلَى الْمَأْمُورِ لِأَنَّ هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ، وَإِلَّا أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشْرٍ نَقْدًا إلَخْ. قَوْلُهُ: [كُرِهَ] : هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: [كَخُذْ] : أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْفَاعِلِ لِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَامَّةٌ. قَوْلُهُ: [بَلْ خُذْ مِنِّي بِمِائَةٍ] : أَيْ وَمَا لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ لِمُرِيدِ التَّسَلُّفِ مِنْهُ بِالرِّبَا ثَمَانِينَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ يَبِيعُهَا لَهُ بِمِائَةٍ لِأَجَلٍ فَهُوَ حَرَامٌ لَا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِشِرَائِهَا وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ صُورَةً إنَّمَا هُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ أَكْثَرَ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرَ الرِّبْحِ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الرِّبْحِ حَرُمَ. وَأَمَّا إنْ سَمَّى رِبْحًا وَلَمْ يُعَيَّنْ قَدْرَهُ كُرِهَ، وَأَمَّا إنْ أَوْمَأَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِلَفْظِهِ نَحْوُ وَلَا يَكُونُ إلَّا خَيْرًا فَجَائِزٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute