سَلَّفَهُ الثَّمَانِيَةَ الْمَنْقُودَةَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِعَشْرَةٍ، كَذَا قِيلَ، وَلَا وَجْهَ لَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ وَجْهَ الْمَنْعِ أَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِهِ الثَّمَانِيَةَ يَنْقُدُهَا لَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ ثُمَّ يَرُدُّهَا لَهُ، أَيْ وَالْآمِرُ يَدْفَعُ لَهُ الْعَشَرَةَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِلْبَائِعِ الْأَصْلِيِّ (اهـ) وَهَذَا بَعِيدٌ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فَتَأَمَّلْ.
(وَتَلْزَمُ) السِّلْعَةُ الْآمِرَ (بِمَا أَمَرَ) وَهُوَ الْعَشَرَةُ لِأَجَلِهَا (وَلَا يُعَجَّلُ لَهُ الْأَقَلُّ) وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فِي الْمِثَالِ.
(فَإِنْ عَجَّلَ) الْأَقَلَّ لِلْمَأْمُورِ (رُدَّ) لِلْآمِرِ. (وَلَهُ) : أَيْ لِلْمَأْمُورِ (جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: لِي) . وَهَذَا ثَانِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ تَمَامُ السِّتَّةِ الْأَقْسَامِ الْمَمْنُوعَةِ (فُسِخَ) الْبَيْعُ (الثَّانِي) فَتُرَدُّ السِّلْعَةُ لِلْمَأْمُورِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، (فَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ) عَلَى الْآمِرِ يَوْمَ قَبَضَهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: لَا يُفْسَخُ بَلْ يَمْضِي بِالثَّمَانِيَةِ نَقْدًا وَعَلَى الْمَأْمُورِ الْعَشَرَةُ لِلْأَجَلِ لِرَبِّ السِّلْعَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَذَا قِيلَ] : هَذَا الْقَوْلُ لِ (تت) وَالشَّيْخِ سَالِمٍ. قَوْلُهُ: [وَلَا وَجْهَ لَهُ] : قَدْ يُقَالُ: وَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ عُجِّلَتْ لَهُ الثَّمَانِيَةُ فِي نَظِيرِ تَوْلِيَتِهِ الشِّرَاءَ وَزِيَادَتِهِ لِلدِّرْهَمَيْنِ وَتَحَمُّلِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لِلْأَجَلِ. قَوْلُهُ: [وَهَذَا بَعِيدٌ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ] : أَمَّا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَتَى كَانَ التَّصْوِيرُ هَكَذَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ ظَاهِرَةً لِأَنَّ دَفْعَ الثَّمَانِيَةِ وَرُجُوعَهَا إلَيْهِ سَلَفٌ جَرَّ لَهُ نَفْعًا وَهُوَ تَوْلِيَةُ الْمَأْمُورِ الشِّرَاءَ لَهُ فَتَأَمَّلْ مُنْصِفًا.
قَوْلُهُ: [رُدَّ لِلْآمِرِ] : أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهُ رِبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: [جُعِلَ مِثْلُهُ] : أَيْ فِي نَظِيرِ تَوْلِيَتِهِ الشِّرَاءَ. قَوْلُهُ: [السِّتَّةِ الْأَقْسَامِ الْمَمْنُوعَةِ] : مُرَادُهُ بِالْمَنْعِ مَا يَشْمَلُ الْكَرَاهَةَ فَإِنَّ الْقِسْمَ الرَّابِعَ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: [فُسِخَ الْبَيْعُ الثَّانِي] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَأَنَا اشْتَرِيهَا مِنْك بِثَمَانِيَةٍ.
قَوْلُهُ: [بَلْ يَمْضِي بِالثَّمَانِيَةِ نَقْدًا] : أَيْ عِنْدَ الْفَوَاتِ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى رَدِّهَا إذَا لَمْ تَفُتْ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ عِنْدَ الْفَوَاتِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: تَفُوتُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْآمَنِ يَوْمَ قَبَضَهَا، وَعَلَى الثَّانِي نَمْضِي بِالثَّمَانِيَةِ نَقْدًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute