للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَصْرِيَةِ حَيَوَانٍ) أَيْ تَرْكِ حَلْبِهِ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهُ فَيُظَنَّ بِهِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَلَوْ آدَمِيًّا كَأَمَةٍ لِرَضَاعٍ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ كَالْحُمُرِ وَالْآدَمِيَّاتِ فَلِلْمُبْتَاعِ مَقَالٌ؛ فَإِنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا.

(وَيُرَدُّ) الْحَيَوَانُ (إنْ حَلَبَهُ) الْمُشْتَرِي (بِصَاعٍ) : أَيْ مَعَ صَاعٍ (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) لِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَرَدُّ الصَّاعِ خَاصٌّ بِالْأَنْعَامِ. وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الصَّاعِ وَلَوْ تَكَرَّرَ حِلَابُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. وَغَيْرُ الْأَنْعَامِ تُرَدُّ بِلَا صَاعٍ كَالْأَنْعَامِ إذَا لَمْ يَحْلِبْهَا كَمَا يَأْتِي (وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ (كَغَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ اللَّبَنِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ] : أَيْ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ مِنْ تَمْرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَالِبَ قُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: " مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ " يُشْعِرُ بِأَنَّ هُنَاكَ غَالِبًا وَغَيْرَهُ. أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَالِبٌ بَلْ كَانَ هُنَاكَ صِنْفَانِ مُسْتَوِيَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ مِنْ الْأَعْلَى أَوْ الْأَدْنَى أَوْ الْأَوْسَطِ، قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ: يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَوْسَطِ.

قَوْلُهُ: [وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ] : أَيْ غَابَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا. وَهَذَا إذَا رَدَّ اللَّبَنَ بِدُونِ الصَّاعِ وَأَمَّا لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي لِلصَّاعِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ مَعْنًى، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ " الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ " " وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي "، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَفُوزَ بِاللَّبَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ. عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةٌ. هَذَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ - كَأَشْهَبَ: إنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ لِنَسْخِهِ بِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» لِأَنَّهُ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَابْنِ يُونُسَ لَا نَسْخَ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>