(بَدَلًا عَنْهُ) : أَيْ عَنْ الصَّاعِ، رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ " الْكَافِ " أَيْضًا، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ رَدَّ الصَّاعِ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّ اللَّبَنِ وَلَا غَيْرِهِ عِوَضًا عَنْ الصَّاعِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِ غَالِبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. فَلَوْ غَلَبَ اللَّبَنُ رَدَّ مِنْهُ صَاعًا مِنْ غَيْرِ مَا حَلَبَهُ مِنْ الْمُصَرَّاةِ (لَا إنْ رَدَّهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةَ (بِغَيْرِ) أَيْ بِعَيْبٍ غَيْرِ (عَيْبِ التَّصْرِيَةِ أَوْ) بِهِ (قَبْلَ حَلْبِهَا) فَلَا يَرُدُّ صَاعًا بَلْ يَرُدُّهَا مُجَرَّدَةً عَنْهُ.
(وَإِنْ حُلِبَتْ) الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً (ثَالِثَةً) فِي ثَالِثِ يَوْمٍ أَوْ فِيمَا الْعَادَةُ الْحَلْبُ فِيهِ كَالصَّبَاحِ وَالْمَسَاء (فَإِنْ) كَانَ (حَصَلَ) لِلْمُشْتَرِي (الِاخْتِبَارُ) لَهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ وَإِنَّمَا حَدِيثُ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» عَامٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ] إلَخْ: مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا رَدَّهَا بِخِيَارِ التَّرَوِّي بَعْدَ أَنْ حَلَبَهَا الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَلَا يَرُدُّ لِلَبَنٍ صَاعًا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةٌ، بَلْ إمَّا أَنْ يَرُدَّ اللَّبَنَ بِعَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ جَهِلَ قَدْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ وَالْغَلَّةَ لَهُ. فَإِنْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي حُسِبَتْ الْغَلَّةُ مِنْ أَصْلِ النَّفَقَةِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَبَنًا أَوْ غَيْرَهُ وَهَذَا الْحُكْمُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ التَّرَوِّي. قَوْلُهُ: [وَإِنْ حُلِبَتْ الْمُصَرَّاةُ حَلَبَةً ثَالِثَةً] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَلَبَ الْمُصَرَّاةَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَمْرُهَا فَحَلَبَهَا ثَانِيَةً لِيَخْتَبِرَهَا فَوَجَدَ لَبَنَهَا نَاقِصًا، فَلَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا. فَلَوْ حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ رِضًا بِهَا وَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحَلَبَةِ الثَّانِيَةِ إذْ بِهَا يَخْتَبِرُ أَمْرَهَا - كَذَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ: لَهُ حَلْبُهَا ثَالِثَةً وَيَرُدُّهَا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارُ بِالْحَلَبَةِ الثَّانِيَةِ. وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ؟ فَذَهَبَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَاسْتَحْسَنَ الشَّارِحُ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَمَشَى عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute